الوحدة 16-12-2023
حتى يصل الإنسان إلى درجة الإبداع يجب أولاً أن يكتشف ما وهبه الله من موهبة ، ويسعى جاهداً إلى تطويرها ليجعلها واقعاً ملموساً. وهذا ما اعتمده الشاب المبدع علي علوش لاستثمار مواطن الإلهام والتميز في شخصيته وتوجيهها بالاتجاه الأمثل لتتجسد في إبداع موسيقي فريد يتناغم مع موهبته وطموحه. “الوحدة ” التقته على هامش أمسيته الموسيقية التي أقامتها مديرية الثقافة باللاذقية في دار الأسد برعاية وزيرة الثقافة الدكتورة لبانة مشوح وبمشاركة عازفة العود المبدعة سارة ديبان، فكان الحوار الآتي:
– ما زالت الموسيقا الكلاسيكية مصدر إلهام للكثير من الموسيقيين، فهل تقتصر على فئة عمرية معينة؟
* إن الموسيقا الكلاسيكية موسيقا خالدة ولا تقتصر على زمن، وكذلك لا تقتصر على فئة عمرية محددة، إلا أن العديد ممن لديهم الاهتمام بها في بلدنا هم من فئة اليافعين بين ١٤ و ١٨ سنة، ولكن الاهتمام يكبر مع الإنسان طوال حياته.
– لمحة عن البطاقة الشخصية والفنية، البدايات، المشاركات والحفلات التي قدمتها سابقاً..
* علي علوش مدرس لآلة البيانو في معهد محمود العجان وعضو في نقابة الفنانين، الدراسة: طب بشري سنة ٦، قدمت العديد من الحفلات الموسيقية على مسرح دار الأسد للثقافة ابتداءً من عام ٢٠١٤، و منها ٤ حفلات عزف منفرد في ٢٠١٧و ٢٠١٩و ٢٠٢١ وحالياً في نهاية ٢٠٢٣، وذلك بعد أسبوع من الحفل الذي قدمته برفقة طلابي من معهد محمود العجان.. كما ساهمت في إنجاز أول كونشرتو لآلة البيانو يُقدم بأيادي عازفين من مدينة اللاذقية العام الماضي في شهر نيسان.
– حدثنا عن الأمسية، وما المقطوعات الموسيقية التي قدمتها فيها؟
* هذه الأمسية بالنسبة لي ذات طابع خاص جداً، فقد ابتعدت عن القطع والأنماط المألوفة من قبل المستمعين، فالبداية كانت بمقطوعات المؤلفين الفرنسيين، فأول قطعة هي “سويت بارغاماسك” للمؤلف الفرنسي “كلود ديبوسي” والتي تتألف من ٤ أجزاء “بريلود ، مينويت، ضوء القمر، رقصة الباسبيد”. والقطعة الثانية هي رقصة “البافان” التي كرسها المؤلف الفرنسي “موريس رافيل” لإحدى أميرات إسبانيا.. ويشكل هذا النمط من الموسيقا تحدياً حقيقياً أمام عازف البيانو بسبب اعتماد المؤلفين طريقة كتابة موسيقية معقدة للغاية وذات طبيعة أوركسترالية، وتكمن مسؤولية العازف في قيادة جميع آلات الأوركسترا وأصواتها عبر آلة البيانو وحدها. اما النصف الثاني من الأمسية فكان متنوعاً، بثلاث مقطوعات للمؤلف البولندي “فريدريك شوبان” وهي “مازوركا في سلم لا مينور” و”بريلود رقم ١٤ في سلم ره بيمول ماجور” و”الايتود رقم ١٢ في سلم دو مينور” الذي يتصف بصعوبة تقنية ولحنية هائلة. ومن ثم عدنا بالزمن إلى القرن الثامن عشر وعصر الباروك مع المؤلف “دومينيكو سكارلاتي” الإيطالي في إحدى سونوتاته. والقطعة ما قبل الأخيرة هي قطعة قصيرة عنيفة جداً للمؤلف الروسي “الكسندر سكريابن”، أما القطعة الأهم في الأمسية فهي الأخيرة بعنوان “بداية” وهي قطعة من تأليفي مكتوبة للعود والبيانو تمزج بين الطابع الغربي والشرقي وشاركتني بها إحدى أهم عازفات العود في مدينة اللاذقية “سارة ديبان” وهي طالبة في سنتها الأخيرة في معهد محمود العجان.
– لماذا اخترت عالم الموسيقا الكلاسيكية؟
* لا أستطيع القول إني اخترته بل إنه الوحيد الذي يستطيع المرء أن يسلكه ليصبح عازف بيانو محترف، ولكني لست نادماً بل محظوظاً لدراستي هذا المجال بسبب تنوعه الهائل وجماله منقطع النظير.
– كيف تحقق الموسيقا الكلاسيكية مزيداً من الانتشار عالمياً؟
* إن الموسيقا الكلاسيكية عالمياً هي جزء من ثقافة الشعوب الأوروبية، بالإضافة إلى كونها الطريق الذي يسلكه الموسيقيون نحو الاحتراف، وربما يمكننا زيادة شعبيتها في بلادنا عن طريق الربط بينها وبين تعلم الموسيقا بشكل عام، بالإضافة إلى زيادة ثقافة الجمهور بها عن طريق إقامة الحفلات الموسيقية التي تتطرق للموسيقا الكلاسيكية (طبعاً بتقديمها بالشكل المناسب)، ولكن في نهاية المطاف لا يمكن تجزئة الموسيقا إلى شرقية وغربية وكلاسيكية وغير ذلك، فالاستماع الجيد مهارة وثقافة تُعلم وتُتعلم.
ريم ديب