أسعار الأدوية تكوي قلوب المرضى وتزيدهم “علة”..و فعاليتها في دائرة الشك والاتهام.. عميد كلية الصيدلة في جامعة تشرين: مكافئة لنظيرتها الأجنبية بنسبة ٩٥% وتخضع لرقابة جدية من وزارة الصحة
الوحدة:7-12-2023
طفا على السطح في الآونة الأخيرة تساؤل مشروع للمرضى ولا بد من إجابة علمية عليه، فبعد أن عجز الكثير منهم عن اقتناء أدوية لأمراضهم بسبب لهيب أسعارها، تساءل قسم آخر عن فعالية الأدوية،وتركيز مكوناتها، إذ سجل هؤلاء ملاحظات على نتائج الاستطباب، واجتمعت عدة آراء على أنهم لا يجدون مايخفف آلامهم بعد جرعات الدواء المتتالية، فهم يدفعون”دم قلوبهم” للظفر بعلبة دواء، ويعانون بسبب ارتفاع أسعارها اليومي، بحثاً عن نتيجة مقبولة، ولكنهم يحصدون السراب، في وقت يعترض صانعو الدواء على “التسعيرة” ويحجمون عن الإنتاج بسبب خسائر افتراضية تلحق بهم قبل أن يحققوا أهدافهم بتسعيرة جديدة تكوي قلوب المرضى، وهنا يقابلهم المواطن بالسؤال التالي: هل تضعون في أدويتكم مواداً فعالة تستحق هذه الزيادات المتتالية لأسعار منتجاتكم؟!..
الدكتور محمد هارون عميد كليه الصيدلة في جامعة تشرين “اختصاص مراقبة دوائية” أجاب على تلك التساؤلات وقال موضحاً: نتابع موضوع جودة الدواء السوري، ويُجري طلاب الدراسات العليا (اختصاص تصميم ومراقبة الدواء) أبحاثاً بهذا الصدد، ومن خلال النتائج التي توصل إليها طلبتنا يمكننا القول: إن الدواء السوري ما زال بخير ،فهو مطابق للمواصفات الدستورية الدوائية، سواء الفيزيائية أو الكيميائية أو الجرثومية، أو حتى الفعالية الحيوية، وإذا حاولنا أن نقارن فعالية الدواء السوري قبل الأزمة بواقعه حالياً،لن نلاحظ فرقاً كبيراً، رغم ارتفاع تكاليف الإنتاج بالنسبة لمعامل الأدوية، فقبل الأزمة كان شراء المواد الأولية من مصادر معروفة و من الشركات الأم المنتجة للدواء، أما اليوم وبسبب الحصار على سورية، فإن أغلب الشركات العالميه “سواء الأمريكية أو الأوروبية” امتنعت عن تزويد سورية بالمواد الأولية، أو بتقنيات وآلات التصنيع ما أثر على جودة الدواء بشكل أو بآخر، فقد أصبح الاعتماد على المصادر الشرقية كالصين و الهند ومن الدول الأخرى الصديقة، وهي مواد جيدة، رغم أنها غير منتجة من الشركات الأم، ولكنها تحاكي الواقع السوري من حيث السعر.
في السياق ذاته أشار د.هارون إلى أن معامل الأدوية تعمل على تخفيض نفقاتها وخسائرها، بدءاً من تقليل نفقات الدعاية الطبية، مروراً برفع سعر الدواء عدة مرات، فشركات الأدوية رغم عدم رضاها عن سعر الأدوية إلا أنها تحقق ربحية مقبولة، والدواء متاح للمواطن السوري إلى اليوم بسعر مقبول قياساً بتكاليف الإنتاج العالية،مع وجود انقطاعات ببعض الزمر الدوائية، وهذا الأمر وارد في بلد مثل سورية،مازال يتعرض لحرب كونية، ومع ذلك استطاعت الدولة تأمين الأدوية بأسعار مقبولة، علماً أنه لايوجد انقطاع كامل لدواء معين، فالبدائل متوفرة دائماً بنفس التركيبة العلمية الدوائية حتى لو اختلف الاسم التجاري.
د. هارون أكد أن الصناعة الدوائية السورية كانت بألقها قبل الأزمة، وكانت سورية تعتبر ثاني دولة عربية مصنعة للدواء بعد مصر، وكنا نصدر أدويتنا ل57 دولة، وهناك كثير من الأدوية السورية تحمل تراخيص من شركات عالمية ومعروفة، ولكن التراخيص سحبت من المعامل السورية، وأقفلت أسواق كثيرة أبوابها في وجه الدواء السوري، علماً أن الدواء السوري مازال يصدر الى العديد من الدول،مثل “العراق، السودان ،اليمن، ليبيا، و لبنان” وبعض الدول الأوروبية الشرقية.
**غلاء الأدوية عالمي..ووزارة الصحة تراقب النوعية بكل جدية
عميد كلية الصيدلية نوه إلى الغلاء العالمي للأدوية، فأجور النقل ارتفعت وخاصة بفترة جائحة كورونا، وبعدها تعطلت حركه النقل العالمي وأصبحت الأسعار مرتفعة والكلف كبيرة، حتى أن بعض أصناف الأدوية هي أدوية خاسرة، ولكن معامل الأدوية السورية هي معامل وطنية بامتياز، وتقبل أحياناً الخسارة ببعض الأدوية مقابل ربح بأدوية آخرى، ومانفتقر إليه في الصناعة الدوائية السورية هو بعض الأدوية النوعية ،كالأدوية البيولوجية و الهرمونية، وأدوية السرطان،
وأضاف د.هارون: وزارة الصحة السورية تراقب بكل جدية الأدوية المصنعة عبر مخابر الرقابة الدوائية، لاسيما الأدوية التي لها علاقة مباشرة بحياة الإنسان، مثل الأدوية العقمية و أدوية الصرع، وأدوية القلب، والأدوية النفسية،
فهذه الطبخات الدوائية جميعها مراقبة بدقة، وكذلك نراقب الطبخات الثلاث الأولى من أي مستحضر دوائي جديد، إضافة إلى المراقبات التي تتم بشكل عشوائي، وفي حال ورود أية شكوى على إحدى الطبخات الدوائية تخضع هذه الطبخة للمراقبة، إضافة للمراقبة التي تتم داخل المعمل، حيث لا يوجد معمل دواء يرخص بسورية إلا بوجود قسم للمراقبة الدوائية، وبناء عليه، فإن المراقبة تتم على مرحلتين، مراقبة ذاتية داخل المعمل، ومراقبة من قبل الجهة الوصائية وهي وزارة الصحة ، كما أن المواطن الذي يستهلك هذا الدواء والصيدلاني الذي يبيعه والطبيب الذي يحرره شركاء في الرقابة أيضاً، وفي حال وجود أية ملاحظة، يجب الإبلاغ عنها لتسحب من الأسواق – إن وجد فيها خلل ما.
*رفع أسعار الأدوية يحقق معادلة استمرار إنتاجها
وعن الارتفاع الدوري والمتتالي لأسعار الأدوية، قال د.هارون: إن رفع سعر الأدوية يحقق معادلة ضمان استمرارية إنتاجها،لأن انقطاع بعض الأصناف يشجع مهربي الدواء على طرح زمر دوائية بديلة في السوق السورية، وبدورنا ننصح المواطن بتجنب شراء هذه الأدوية، فمن خلال تحاليلنا لطبخات الأدوية المهربة تبين أن نسبة 60% منها مزورة ولا تحتوي أية مواد فعالة، و أسوأ دواء سوري أفضل من أي دواء مهرب،لكون الدواء السوري مراقب”على الأقل” ومصدره معروف ويمكننا محاسبة الشركة في حال وجود أي خلل، أما الدواء المهرب الموجود في الأسواق فهو غير معروف المصدر وغير خاضع للمراقبة ولا يمكن محاسبة الشركة المنتجة سواء كانت شركة أو كأشخاص، و شدد الدكتور هارون على ضرورة اهتمام الجهات المعنية بمراقبة الأدوية المهربة، وتعزيز ثقافة المواطن السوري بعدم الاعتماد عليها.
*الدواء السوري مكافئ لنظيره الأجنبي بنسبة 95%
عميد كلية الصيدلة بيّن للوحدة أن هناك جزء من أبحاث الدراسات العليا التي تجري في مخابر كلية الصيدلة تعنى بدراسة التكافؤ الحيوي للأدوية السورية مقارنة بالدواء الأجنبي و دواء الشركة الأم تحديداً، وقد تبين أن الدواء السوري مطابق للدواء الأجنبي بنسبة لا تقل عن 95%، وهذه الدراسات دقيقة وهي ضرورية لترخيص الدواء، فعند طرح صنف دوائي جديد يتم إجراء اختبارات دراسات التكافؤ الحيوي، ولا تقبل وزارة الصحة بتسويق الدواء السوري وبتحريره للأسواق إلا إذا كان مكافئاً للدواء الأجنبي بنسبة لا تقل عن 95%، فمعامل الأدوية السورية لديها ثقافة الجودة ومعظمها حاصل على شهادات الجودة العالمية المعروفة، سواء الأيزو 9001, أو 9002، أو الأيزو الخاص بالبيئة 14001، أو الأيزو الخاص بالسلامة المهنية 18001، وكذلك الأيزو رقم 17025 الذي يحكي عن جودة العمل المخبري،إضافه لشهادات أخرى صادرة عن أف دي أي الأمريكية، وهي شهادات الممارسات التصنيعية الجيدة “جي أم بي”, أو الممارسات التخزينية الجيدة، ونستطيع القول:إن الصناعة الدوائية السورية هي التي أدخلت مفهوم الجودة إلى الصناعة السورية بشكل عام وهي من الصناعات الرائدة بتطبيق مفاهيم الجودة على أرض الواقع وهناك جولات دائمة لوزارة الصحة على المعامل لتصويب أي خطأ في حال وجوده، لأن حياة المواطن السوري وسلامته محط اهتمام الدولة السورية.
ياسمين شعبان