الوحدة – بثينة منى
في خطوة تجديدية تحمل عبق التاريخ وتتطلع نحو المستقبل، تستعد صحيفة “الثورة السورية” الورقية للعودة إلى المكتبات بحلة جديدة ورؤية متجددة بعد فترة انقطاع دامت لسنوات، حاملة بين طياتها تأريخاً للاخبار ورائحة المطبوعات التي تثير الحنين لدى الكثيرين، بالرغم أن العالم يشهد منذ سنوات تحولاً جماعياً نحو الإعلام الرقمي، إلا أن القائمين على الصحيفة يؤمنون بأن للورق روحاً خاصة، وأن له جمهوره المخلص الذي يتلمس الورق قبل أن يقرأ الخبر.
صحيفة “الثورة السورية” لن تكون مجرد صحيفة، بل شاهداً على أحداث مفصلية ومنبراً للنقاش ومرآة تعكس آمال وتطلعات الشعب السوري، وبعد سنوات من غياب الصحف الورقية يعبّر الشارع السوري عن تفاؤل كبير بهذه العودة بإصدار صحيفة الثورة السورية ورقياً.
وفي استطلاع أجرته صحيفة الوحدة في شوارع اللاذقية وسؤال المواطنين عن رأيهم بصدور صحيفة “الثورة السورية” الورقية، لاحظنا بأن الجمهور يتوق للمسة الورق ومصداقية الخبر في زمن الضجيج الرقمي، فكانت الإجابات تعكس مزيجاً من الحنين إلى الماضي، والتطلع إلى مستقبل إعلامي أكثر ثراءً.
إن أبرز ما كشفه الاستطلاع هو الحنين العميق إلى قراءة فريدة، يقول أحمد علي موظف 45 عاماً: القراءة من الجوال أو الكمبيوتر أصبحت مرتبطة بالعمل والضجيج، لكن هناك متعة لا توصف في فرد الجريدة وقراءة ورقها ورائحة الحبر، إنها طقوس يومية هادئة تمنحني شعوراً بالطمأنينة والاتصال الحقيقي بالمعلومات، وأيضٱ محمد قلعجي ٥٥ عاماً قال: أحب قراءة الصحف الورقية كل صباح مع رغيف الخبز، وعودتها عبر صحيفة الثورة السورية تعني لي الكثير كأنني ألتقي بصديق قديم افتقدته، قراءة الجريدة ورقياً متعة مختلفة، فهي تمنحك تركيزاً أكبر وأصالة لا توفرها المقالات السريعة على الإنترنت، وتوافقه الرأي سميرة السيد ٤٢ عاماً معلمة: رغم أنني أتابع الأخبار عبر الإنترنت، إلا أن اقتناء الجريدة الورقية يشعرني بجدية المعلومة وثقلها، سأحرص على شرائها خاصة في نهاية الأسبوع، لأقرأها بتأنٍ مع فنجان قهوتي.
من جهته أحمد عجيب موظف حكومي في الخمسينيات من عمره عبر عن سعادته قائلاً: لطالما ارتبطت المصداقية بالورق وعودة صحيفة “الثورة السورية” تعني لنا الكثير، إنها بمثابة عودة لجزء من هويتنا الإعلامية التي افتقدناها، وأيضاً أشارت السيدة سهى حمودي معلمة في المرحلة الثانوية، إلى أهمية الجريدة الورقية في عصر السرعة الرقمية قائلة: صحيح أننا نعتمد على الأخبار السريعة عبر الإنترنت، لكن هناك بريق خاص في تصفح صحيفة ورقية مثل الثورة السورية، وأنا متفائلة بأن عودتها ستقدم لنا تحليلات معمقة وقضايا وطنية تعالج بشفافية، وهذا ما نحتاجه اليوم.
لا يقتصر تفاؤل المواطنين على مجرد عودة الجريدة، بل يتعداه إلى تطلعات في تجديد محتواها لمواكبة العصر مع الحفاظ على روحها الوطنية، يقول المهندس خالد سليمان: نحن بحاجة إلى صحافة وطنية قادرة على استعادة الثقة، تقدم المعلومة الدقيقة والتحليل العميق، وتساهم في ترسيخ الهوية الوطنية.
من جهة أخرى، رأى الشباب في هذه العودة فرصة للانفصال عن العالم الرقمي، نور عباس طالبة جامعية 22 عاماً تقول: أقضي يومي كله أمام الشاشات، وجود جريدة ورقية يعني إجازة لعيني وفرصة للتركيز في محتوى عميق دون تشتيت الإشعارات والإعلانات المنبثقة، إنها شكل من أشكال الوعي والحد من الاستهلاك الرقمي العشوائي، أما الشابة لين باكير أغا طالبة جامعية، فقد عبرت عن رغبتها في رؤية صحيفة “الثورة السورية” كمنبر يعكس آمال الشباب وتطلعاتهم وقالت: أتمنى أن تخصص الجريدة مساحة أكبر للقضايا الشبابية والإبداعات السورية في مختلف المجالات، نريد أن نرى في صحيفة الثورة السورية صورة حقيقية لمجتمعنا، بكل ما فيه من طموح وتحديات.
عودة صحيفة الثورة السورية إلى الواجهة الورقية تثير تساؤلات كبيرة عن مصير الصحافة المطبوعة في عالم يتجه نحو الرقمنة بلا توقف، بين أحضان الحنين وضرورات العصر، بين متعة المسك والتصفح السريع، يبدو أن رحلة الصحيفة الجديدة ستكون اختباراً حقيقياً ليس فقط لولاء الجمهور، بل لقدرة الصحافة الورقية على ابتكار أسباب جديدة لبقائها وازدهارها، إنها خطوة نحو استعادة الإعلام المطبوع لدوره الريادي، وبداية مرحلة جديدة من الصحافة المهنية والمسؤولة التي تخدم الوطن والمواطن، وتعكس حقائق الحياة السورية بكل أبعادها.