أستاذ العلاقات الدولية في جامعة اللاذقية د. ذو الفقار عبود للوحدة: زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن تعيد رسم ملامح سورية الجديدة وعلاقاتها الدولية بناءً على مصالحها الاستراتيجية
الوحدة – تمام ضاهر
أكد الدكتور ذو الفقار عبود، أستاذ العلاقات الدولية في كلية الاقتصاد بجامعة اللاذقية، في تصريح خاص لجريدة الوحدة، أن الزيارة التاريخية للسيد الرئيس أحمد الشرع إلى واشنطن للقاء الرئيس الأميركي دونالد ترامب، تهدف إلى إنهاء حقبة العقوبات الدولية المفروضة على سورية، واستثمار هذه الفرصة النادرة في إعادة إعمار البلاد.
وأشار الدكتور عبود إلى أن الرئيس الشرع تحدث خلال الزيارة عن روح التعاون بين السوريين في المهجر، وعن خطة إعادة بناء سورية بسواعد أبنائها، مؤكداً أن هذه الفرصة التي أُتيحت للسوريين هي فرصة نادرة يجب استثمارها، وأن سيادته يشدد على أن سورية بحاجة إلى جهود جميع أبنائها في الداخل والخارج للمساهمة في إعادة إعمارها.
وأضاف أستاذ العلاقات الدولية أن لزيارة الرئيس الشرع أبعاداً قانونية وسياسية وإقليمية ودولية، موضحاً أن العقوبات الاقتصادية التي تكبّل الاقتصاد السوري وتحول دون عودته إلى النظام المالي العالمي، وتعرقل استقطاب الاستثمارات الأجنبية وانخراط الشركات الكبرى في مشاريع إعادة الإعمار، هي الآن في طريقها إلى التفكيك.
ولفت إلى أن الرئيس الأميركي دونالد ترامب قد وقّع في شهر حزيران الماضي أمراً تنفيذياً ينهي البرنامج الأميركي للعقوبات على سورية، في خطوة تهدف إلى منحها فرصة جديدة للانتعاش والازدهار.
وبيّن الدكتور عبود أن للرئيس الأميركي الحق في إلغاء أو تجميد العقوبات الرئاسية المفروضة على سورية بأوامر تنفيذية، وعددها ثمانية أوامر إدارية صدرت بين عامي 2004 و2019، دون الحاجة إلى موافقة الكونغرس بمجلسيه الشيوخ والنواب.
وأشار إلى أن إدارة الرئيس ترامب شطبت يوم الجمعة الماضي رسمياً اسم الرئيس الشرع من قوائم الإرهاب، بالتزامن مع رفع مجلس الأمن الدولي العقوبات عنه أيضاً، وهو ما يعدّ مؤشراً على إعادة رسم ملامح سورية الجديدة، التي تبني علاقاتها الدولية وفق مصالحها الاستراتيجية، بعد سنوات من العزلة والعقوبات.
واعتبر الدكتور عبود أن زيارة السيد الرئيس تشكّل تتويجاً لمسار سياسي جديد في سورية يقوم على التقارب مع الغرب والانخراط في التحالفات الإقليمية، مقابل دعم دولي وتوجه جديد لإعادة الإعمار. وأضاف أن سيادته يسعى إلى تأمين التمويلات اللازمة لإعادة إعمار البلاد، التي تُقدّر كلفتها – وفقاً للبنك الدولي – بأكثر من 216 مليار دولار، مشيراً إلى أن الزيارة تأتي ضمن هذا السياق وضمن جهود مكثفة لتطبيع علاقات سورية مع الغرب وفتح الباب أمام الاستثمارات الدولية.
ونوّه الدكتور عبود إلى أن زيارة الرئيس الشرع إلى البيت الأبيض تشكّل أيضاً مؤشراً على التزام الولايات المتحدة بدعم سورية الجديدة، وتحمل رمزية كبيرة تعكس الرغبة الأميركية في تنسيق جهود عودة سورية إلى المجتمع الدولي، والمشاركة في صياغة التطورات الإقليمية والدولية على المستوى الاستراتيجي.
وأكد أن الزيارة ستمنح زخماً سياسياً كبيراً قد يقود إلى إلغاء قانون قيصر، موضحاً أن هذا الإلغاء ينتظر دعم مجلس النواب لمشروع القرار المقدم في مجلس الشيوخ وإلحاقه بميزانية وزارة الدفاع ليتم اعتماده بشكل كامل، وهو ما يسعى الرئيس الشرع إلى تحقيقه من خلال تكثيف الجهود مع إدارة الرئيس ترامب.
كما أشار الدكتور عبود إلى أن أولى تداعيات الزيارة ظهرت بتحسّن سعر صرف الليرة السورية أمام العملات الأجنبية بنسبة تقارب 5% عشية الزيارة، ومن المتوقع استمرار هذا التحسن، في ظل التعاون والانفتاح اللذين تبديهما القيادة السورية لإزالة أسباب العقوبات الأميركية.
وتوقّع الدكتور عبود أن يعلن الرئيس الشرع خلال زيارته انضمام سورية إلى التحالف الدولي لمحاربة الإرهاب، مؤكداً أن سيادته سيركز على مسألة إلغاء قانون قيصر، وتقديم الضمانات المطلوبة، وإعطاء الانطباع للنواب الأميركيين بأن سورية الجديدة ملتزمة بتنفيذ المطالب الأميركية لرفع العقوبات.
وأشار أيضاً إلى أن ولي عهد المملكة العربية السعودية الأمير محمد بن سلمان سيزور الولايات المتحدة في الثامن عشر من هذا الشهر لدعم ملف رفع العقوبات عن سورية، متوقعاً أن يتم التصويت على إلغاء قانون قيصر في نهاية الشهر الجاري، بعد أن وافق الرئيس ترامب ومجلس الشيوخ على تفكيكه، فيما اقترح مجلس النواب عدم إدراجه على جدول التصويت.
واختتم الدكتور عبود تصريحه للوحدة بقوله: “إن زيارة الرئيس الشرع إلى واشنطن محطة لا بد منها لبدء عهد جديد في علاقات سورية مع القوى العظمى، ولإعادة هندسة السياسة السورية بما يخدم المصالح الوطنية العليا، وبما ينعكس إيجاباً على مستقبل الشعب السوري.”