الوحدة- ديما محمد
تلعب الوحدات الإرشادية الزراعية دوراً محورياً في الريف، فهي الذراع الميدانية لوزارة الزراعة في الوصول إلى المزارعين، ونقل التقانات الحديثة إليهم، ومعالجة المشكلات التي تعترض محاصيلهم، لتكون صلة الوصل بين المعرفة العلمية والتطبيق العملي في الحقول.
للوقوف على رأي المزارعين المستفيدين من خدمات الوحدات الإرشادية توجهنا إلى عدد من المزارعين في بعض القرى، حيث التقينا المزارع خالد إبراهيم (منطقة البصة) الذي أكد بأن المرشد الزراعي أصبح شريكاً لنا في المزرعة والزيارات الدورية والاستشارات الهاتفية ساعدتنا كثيراً في معالجة آفة أصابت بستان الحمضيات في وقت قياسي، نتمنى فقط زيادة عدد المرشدين لأن المنطقة واسعة والطلب عليهم كبير.
المزارعة أم محمد (منطقة قلعة المهالبة) قالت: الأيام الحقلية وورش العمل هي الأكثر فائدة، لكن التحدي الحقيقي هو صعوبة وصول المرشدين إلينا في الأيام الماطرة بسبب وعورة الطرق، كما أن انقطاع الكهرباء يعيق عملهم داخل الوحدة، المزارع معن السعدي: مدارس المزارعين الحقلية هي الفكرة الأنجح، نحن جيل جديد نريد التعلم بطرق حديثة، هذه المدارس جعلتنا نتبنى تقنيات الري الحديث والتسميد المتوازن، وزادت إنتاجيتنا فعلاً. نطمح أن تمتد هذه الخدمات لتشمل مساعدتنا في التسويق الإلكتروني لمنتجاتنا
المهندس أكرم روجيه رئيس دائرة الإرشاد والتعليم الزراعي والتنمية الريفية في مديرية زراعة اللاذقية الذي تحدث لصحيفة الوحدة بأن العمل في الوحدات الإرشادية ينقسم إلى قسمين: مكتبي ضمن الوحدة، وميداني في القرى والحقول، وحدد أسلوب التواصل مع المزارعين بناءً على الدراسات الميدانية التي تكشف المشكلات ونسب انتشارها، سواء عبر الاتصال الفردي كالزيارات الميدانية والاتصالات الهاتفية،
أو الاتصال الجماعي من خلال الندوات والتجارب العملية والأيام الحقلية، والاتصال الجماهيري عبر البرامج الإذاعية والتلفزيونية والصحف والنشرات الزراعية.
وأشار روجيه إلى أن البرامج الإرشادية تُبنى وفق النموذج الزراعي السائد في كل منطقة، فلا يمكن مثلاً تنفيذ برنامج عن الزيتون في وحدات تشتهر بالحمضيات مثل البصة والصنوبر.
وفي وحدة قلعة المهالبة الإرشادية أوضح روجيه بأنه يتبع لها عشر قرى ومزرعتان، ويواجه المرشدون صعوبات عديدة أبرزها: وعورة التضاريس الجبلية، اتساع المساحات، ضعف المواصلات، نقص وسائل الإيضاح كالحواسيب والطابعات، إضافة إلى الانقطاع المستمر للكهرباء وغياب بدائل الطاقة.
أما عن تقييم البرامج، فيؤكد روجيه أن ذلك يتم سنوياً عبر مقارنة نسبة المشكلة في بدايتها مع نسبتها بعد انتهاء البرنامج. كما تُجرى كل أربع إلى خمس سنوات دراسة لقياس أثر تبني التقانات الزراعية الحديثة في خفض المشكلات، ويضرب مثالاً على ذلك كان الري بالأحواض في الحمضيات سبباً في انتشار فطر التصمغ وهدر المياه والأسمدة، لكن بعد إدخال الري بالتنقيط انخفضت المشكلات بشكل ملحوظ، وتحقق ترشيد في المياه والحد من انتشار الأعشاب والتصمغات.
ويرى م. روجيه أن الأسلوب الأحدث هو مدارس المزارعين الحقلية التي تقوم على التعلم بالمشاركة، حيث يشاهد المزارع ويجرب بنفسه حتى يمتلك الخبرة، ويصبح بدوره ناقلاً للتقانات الزراعية بين أقرانه.
ويختم بالقول: العلاقة بين المرشد الزراعي والمزارع يجب أن تكون كالعلاقة بين المغناطيس وبرادة الحديد، تقوى بقوة المرشد وتضعف بضعه، وهذا ما يفرض وجود مرشدين متخصصين وذوي خبرة عالية في مجالات الخدمة والإنتاج والوقاية والتسويق، مؤكداً على مقولته: لا مشكلة في الزراعة بلا حل، لكن الأسلوب المتبع في المعالجة هو الركن الأساسي، فالإرشاد الزراعي يمثل حلقة وصل بين المزارع الذي ينقل مشكلته، والبحث العلمي الذي يبتكر الحلول ويضع التقانات الحديثة في موضع التطبيق.