الوحدة:23-11-2023
ما زالت الحياة ممكنة، وستبقى ما بقي الأمل في نفوس الناس. وما زال السوريون يتوكؤون على ما بقي في نفوسهم من أمل، ويحاولون… أحياناً تفشل بعض المحاولات، فيكسبون شرف المحاولة، وأحياناً تنجح تلك المحاولات، فيتجدد في نفوسهم الأمل. وتنهض في نفوسهم الرغبة في محاولات جديدة. وما زال هناك أماكن تحتضن تلك المحاولات، وترعاها، بما تستطيع. من تلك الأماكن “مكتبة الأطفال العمومية”، التي كانت الملاذ الآمن لمبادرة السيدة المهندسة وصال يونس، التي تهدف مبادرتها إلى إعادة الاعتبار للكتاب والقراءة من خلال نشاطها الموسوم ب” فتح كتاب”، الذي بلغ من العمر ست سنوات، وأكثر بمعدل جلسة كل شهر. تأخذ تلك المبادرة بالاعتبار عدة مؤشرات، أهمها التراكم، والاستمرارية، والمصداقية. من خلال إثارة ثلاثة أسئلة، هي: لماذا نقرأ؟، وكيف نقرأ؟، وماذا نقرأ؟
أسئلة تبدو عادية، ولكنها ليست كذلك. فهي أسئلة تتناول بنية فعل القراءة. من حيث أن القراءة كفعل معرفي يقتضي الاختيار.
تقول السيدة وصال يونس: أنا أقرأ لكي أتعافى من الجمود، والتقديس، والعزلة البائسة، والإحباط، والملل، واليأس.
وهنا نتساءل إن كانت القراءة هي المخرج من كل تلك المحبطات، فلماذا لا تصبح هاجساً عند الناس؟ للجواب على ذلك قلنا إن القراءة فعل معرفي، يلخصه قول ميخائيل نعيمة: عندما تصبح المكتبة ضرورية كالطاولة، والسرير، والكرسي، والمطبخ، عندئذ يمكن القول بأننا أصبحنا قوماً متحضرين.
استطاع نشاط “فتح كتاب” خلال عمره المديد أن يستقطب أدباء ومثقفين وكتّاب من شتى المشارب والاتجاهات. وقد دأب على حضور تلك الجلسات كثير من المهتمين والمختصين والمثقفين من كافة الشرائح العمرية والاجتماعية.
في حوارنا مع السيدة وصال قالت: إننا نسعى- كمجموعة – لإخراج مفهوم الثقافة من الحيّز النظري، ليكون فعلاً إنسانياً، وقيمة رفيعة مضافة لقيمنا الإنسانية. “فتح كتاب”، فعل اجتماعي استطعنا من خلاله أن نعلن أهمية القراءة والمثاقفة.
ستبقى القراءة حية ونابضة بنا، فنحن على اختلاف ظروفنا ومشاغلنا واهتماماتنا، ما زلنا نقرأ، ونجتمع، ونناقش ما قرأناه، وما زلنا نتعامل مع الكتاب بالقدسية التي يستحقها. هذه هي معالم مساهمتنا، وغيرنا كثر يشتغلون على نفس الفكرة، بطرق مختلفة.
ريم ديب