جمعية موزاييك .. وأشـــواط مـن العطاء بلا سقف

العــــــــــــــدد 9363

الثلاثـــــــاء 11 حزيران 2019

صبايا وشباب يعشقون الحياة والجمال، و(يدوزنوها) على معيار القيمة والإنسانية والأخلاق، فلا يضام في ظلها وطن ولا إنسان، فهم محتفون بالعطاء والإقدام، هم أسرة نسجت موزاييك مجتمع بكيان ووجدان..
أميمة حميدوش رئيسة جمعية موزاييك للإغاثة والتنمية البشرية قالت:
نحن جمعية غير ربحية تضم متطوعين وعاملين من مختلف شرائح المجتمع السوري وأغلبهم شباب جامعيون وطلاب وخريجون، وهو ما يميزها بأعمار (20-30) سنة، جمعهم الهمّ الإنساني منذ عام 2011 بهدف خلق تنمية مجتمعية حقيقية من خلال ربط العمل الإغاثي بالعمل التنموي، ونشر ثقافة الوعي ورفع مستواه في المجتمع على مختلف الصعد الصحية والاجتماعية والنفسية والحقوقية، قطعنا إلى اليوم أشواطاً تقدر بآلاف الأميال من العطاء التي تخللها الكثير من الصعوبات والتحديات، تأسست الجمعية في ظل الحرب وكنا قد اشتغلنا قبل 2014 تحت اسم أكثر من جمعية بداية في الهلال الأحمر لتمتد إلى كثير من الجمعيات، بعدها اتفقنا أن تكون لدينا جمعية خاصة بنا، وبدأنا العمل بخطوة أولى مع 15 شخصاً، وهم من أسس الجمعية حيث وضعت الأهداف واللوغو وبدأنا الفعل بدعم مجتمعي قوي لنا من دير الآباء اليسوعيين .
دفعتنا وفود عائلات وأسر من كافة المحافظات إلى اللاذقية عام 2013-2014 للعمل في مجال الإغاثة والإعانة حيث كانت السلة الغذائية رقم واحد عند الجمعيات كافة وهنا رفدنا دير الآباء اليسوعيين بالسلة الغذائية والصحية ومشكورين جداً واليوم بطركية الروم وسائر أنطاكية والمشرق تقوم بدعمنا بمشاريع تعليمية كما تواصلنا مع المجتمع المحلي من التجار وغيرهم من الناس الداعمين لأعمالنا، وحديثاً بدأ دير مار يعقوب بدعمنا، أي أن أكثر من جهة وقفت إلى جانبنا ودعمتنا ودفعتنا لنكون بقدر المسؤولية ولنقدم كل مساعدة لمحتاجيها ونكسب ثقة الناس، وللأمانة في البدايات كان النفس التطوعي كبيراً والهمة عالية للشباب وهو ما أثمر فينا والمجتمع وأعطى لعملنا قيمة مضافة، حيث كانت لدى الناس فسحة واسعة للمساعدة لكن الوضع الاقتصادي الصعب الذي فرض نفسه على الجميع هو اليوم يضغط على الجميع ويقلص حجم أعمالهم ويردهم عن العمل، لكنه الخير المتأصل في الجميع، ثقة المجتمع هي داعم قوي لمشاريعنا وأنشطتنا، وحملة رمضان هي دعم من مجتمع محلي وشركات وتجار بامتياز، نقوم بالتوزيع مرتين في الأسبوع، وفي كل مرة 150 سلة غذائية بتكلفة أقلها 17 ألف ليرة وهي تكفي لعائلة بستة أفراد لشهر كامل ورمضان كريم، كما أن الجمعية وزعت ثياب العيد وأحذية جديدة ل400 طفل يتيم مع سلة العيد التي تضمنت اللحمة والفروج وحلويات العيد والرز و..

التعليم هو جزء من التنمية المستدامة في المجتمع والأساس في إعادة إعمار بلدنا، وهو الهدف الأول في جمعيتنا حيث نقوم بمتابعة تدريس ودعم طلاب الشهادات الإعدادية والثانوية وعلى الأغلب البكالوريات نتابعهم ونسجلهم في الجامعة، بإيرادات وريع سوق منتجاتنا في كرنفال سنوي كما نقوم لهم دورات لمهارات الحياة لنشيد بناء من الحب للجمعية وصروح الانتماء لها فتكون بيتهم الذي يرتاحون فيه ويأمنون له حتى بعد تخرجهم من الجامعة، فلطالما ضاقت عليهم بيوتهم بالمساحة والغرف، وهو ما يدفعنا للتفكير بمشروع آخر هو قيد الدراسة والإنشاء عساه يرى النور في القريب العاجل (شهران أو ثلاثة) هو مكتبة صغيرة أو مكان آمن لهم يرتاحون فيه ويدرسون ولطالما طالب هؤلاء الشباب التطوع والعمل بالجمعية وأن يكونوا من عائلة موزاييك يشتغلون بمشاريعها فكان لهم ذلك في مشروع مع اليونيسف، مشروع مهارات الحياة لليافعين شارك فيها 30شاباً وصبية من الفئة العمرية (18-25) سنة وجميعهم من موزاييك كانوا طلاباً ورجعوا ليشتغلوا بالمشروع وقد نفذوه مع يافعين أصغر منهم، وهو ما يمكن تسميته عجلة تنمية تدور لأجل تطوير المجتمع، وهنا يمكن أن نرى ونلمس أثر كل منهم ببيئته ومحيطه .
كما قمنا بدورات تدريبية مع الصحة العالمية لفريق أو كادر الإرشاد النفسي وعلم الاجتماع جاءت بنودها ومحاورها على المشورة الأسرية وردم الفجوة، وأيضاً قمنا بدورات للمدرسين تمحورت حول التعلم النشط أو التعلم باللعب وهو ما كان له علاقة بالأولاد المتسربين من المدارس، وهذه كلها دورات تدريبية اعتمدنا فيها مدربين احترافيين من دمشق لتقديم تدريب نوعي ومهني أضاف للمدرب والمتدرب علماً ومعرفة وزاد على شهاداتهم وخبراتهم، ولدينا في القريب مشروع مع صندوق السكان عن العنف القائم على النوع الاجتماعي .
يمكنني القول إن كوادر موزاييك جاهزة لتشتغل بأي عمل مهما كان نوعه ودرجة صعوبته واختلافه، إذ أننا نهتم كثيراً بكوادرنا ورفع قدراتهم ومهاراتهم وخبراتهم، وفي حال تنفيذ مشاريعنا أكلف مديريها البحث عمن يجد في نفسه حاجة لمعرفة ومهارة وتدريب في أي مجال (صحي، تعليمي، نفسي ..) ليكون في الدورة المطلوبة لتزويده بالخبرة اللازمة، فكان لهم دورة أمين وأخرى في البرمجة، إذ لم تعد الشهادة الجامعية تكفي اليوم للعمل ونعدها محو أمية، ويجب أن يضاف عليها وتكمل بدورات لمهارات وبناء قدرات لإنتاج كفاءات لوظيفة يتطلبها هذا العصر، لهذا أتمنى على شبابنا أن لا يتأطروا ببرواز الشهادة الجامعية ويكتفوا بها بل عيهم اختراق حدودها والعمل على فتح أبواب جديدة لمستقبلهم ورفع مستوى حظوظهم ونصيبهم في كسب وظيفة تأتي لعندهم وهم يمتلكون مفاتيحها وسبل إدارتها في عمل ناجع يساعد في إعمار البلد والنهوض به.
المشروع التعليمي الذي كان بالمجان أصبح اليوم بأجور رمزية وأقساط مدروسة، وكفالة طالب يتيم منشودة ولدينا اليوم 30 كفالة، وقد حققنا في هذا المشروع نجاحاً كبيراً عند طلاب البكالوريا الذي بلغ عددهم 50 طالباً كل عام ليتخرجوا بعدها من الكليات العلمية تحديداً ويعودوا للجمعية وينضموا لعائلتها أفراداً متطوعين، يساعدوا الصغار يعلموهم ويزودوهم بالخبرات، أي مثلما كان الأمر في عائلاتنا قديماً الولد الكبير يعلم أخيه الصغير، ثقافة نحاول أن نطورها وننشرها بين أفراد مجتمعنا وشبابنا.
اشتغلنا على التدريب المهني للنساء الفاقدات للمعيل (40 امرأة) حيث نلنا منحة 300 ألف ليرة من الوزارة لنشتري ثلاث ماكينات للخياطة رشة ودرزة وحبكة وبعد انتهاء الدورة نلنا 20 ماكينة خياطة من دير مار يعقوب لتبدأ كل منهن مشروعها الخاص والذي يدر عليها المال ويكفيها عن الحاجة والسؤال وتعيل عائلتها، وهذه النساء تشارك في العمل لأجل سوق الجمعية وبازارها الذي نقوم به كل عام لعرض منتجاتنا ولهن فيه أجر.
نحاول أن تكون مشاريعنا لها علاقة بالوعي والتنمية والتعليم والصحي وعندنا عيادة صحية مجتمعية بالرمل الجنوبي وهي منطقة عشوائيات وفقيرة تستحق الاهتمام وتستلزم منا شغلاً كبيراً بوعي صحي وصار في سجلاتنا ما يقارب 7 ألاف مراجع للعيادة وغيرها في التثقيف الصحي حيث يزورها 100 مريض يومياً والعيادة الصحية تتشكل من ثلاث عيادات: نسائية وأطفال وداخلية وأمراض مزمنة وأيضاً عيادة صحية نفسية تتواجد فيها شابة متطوعة تقوم بجلسات توعية ودعم نفسي وتتوقف عند حد تتطلب الحالة فيه الدواء ويستحيل باللفظ والتوعية العلاج لا تصرفه وتبعثه للطبيب النفسي وأيضاً لدينا بالعيادة فريق توعية صحية منهم توعية لحالات فردية وآخرون لتوعية جماعية للناس المتواجدين، ويمكن أن يدخل في مجال التوعية الفردية ما له علاقة بمراقبة الحوامل قبل وبعد الولادة وأيضاً مرضى ضغط الدم والسكر لأجل سلامتهم من ارتفاعه أو انخفاضه، وقريباً سيكون في جعبتنا مشروع السكان يتم تنفيذه في منطقة الرمل الجنوبي بعد العيد.
توسع نطاق عمل الجمعية الجغرافي ووصلنا اليوم إلى دمشق حيث أصبح لدينا فرع للجمعية في ضاحية حرستا، لينصب عملنا بمشروع بالتعاون مع صندوق السكان والهيئة السورية لتنظيم الأسرة في وحدة حماية النساء المعنفات في ضاحية قدسيا، المرأة السورية كانت خلال الحرب الأم والأخت والزوجة والركيزة الداعمة لبيتها وبيئتها والحاضنة لعائلتها، فكانت بلدنا قوية بها وصامدة، وكل عام ونساؤنا وبلدنا وأهلها جميعاً بألف خير.

هدى سلوم 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار