29-1-2019
العدد: 9280
شئنا أم أبينا، الحرب أثرت على مناحي الحياة جميعها، بدءاً من لقمة العيش وانتهاء بالعملية التعليمية، العملية التعليمية التي باتت هماً إضافياً بالنسبة لأهالي الطلاب الجامعيين الذين ضاقوا ذرعاً بتراكم المسؤوليات الحياتية اليومية بما فيها تكاليف التعليم، إذ وضعت كل أسرة في حسبانها مبلغاً معيناً يضاف إلى المصروفات اليومية، وهو شراء النوطات الجامعية، غلاء الكتب الجامعية، اختفاؤها من مكتبة الجامعة، قلما تبحث عن كتاب وتجد ضالتك بين رفوف مكتبات الجامعة، تراجع في مستويات الطلاب وعدم الرغبة في الدراسة وحصولهم على أقل معلومات للحصول على علامة النجاح فقط، هذا ما يسمى وجبة علمية جاهزة، ومازال السؤال مستمراً عبر سنوات والمشكلة هي وبحاجة إلى حلول جذرية؟
النوط الجامعية مسؤولية من؟
صعوبة التعلم من الكتاب، غلاء الأسعار، حشود طلابية في القاعات والمدرجات، بائعو العلم، المدرّس، الطالب، القائمون على العملية التعليمية، إضافة إلى ما يمكن أن نسميه عجز الجهات المعنية عن ضبط هذه الظواهر.
خطورة سوق النوط
التقينا الأستاذة الدكتورة سوسن الضرف، من قسم اللغة الفرنسية تحدثت قائلة في استفاضة عن موضوع النوطة الجامعية وانعكاساتها السلبية على الطالب:
من المؤسف أن يسد طالبنا أذنيه أمام تنبيهات الأساتذة ونصائحهم حول الدراسة والامتحانات بشكل عام، وبما يخصّ النوطة الجامعية بشكل خاص، لطالما نوهنا إلى خطورة سوق النوط الرابح بالنسبة لمروجيه، والخاسر بامتياز بالنسبة لرواده ومريديه، حيث يعمد غالبية الطلاب على وضع ثقتهم التامة بطالب آخر يكتب ويستفيض حول فكرة شرحها أستاذ المادة بطريقة معينة، فأتت مختلفة بالكامل أو جزئياً في النوطة، الملفت أن يضرب الطالب عرض الحائط بنصائح مدرّس المقرّر وتأكيده على أهمية حضور المحاضرات وفهمها (وهو نصف الطريق إلى النجاح)، بينما يستسلم لمقولات خاطئة وأفكار باطلة يقنعه بها (الوكيل المعتمد) للنوطة، أشرنا مراراً وتكراراً لأخطاء جسيمة ترد في محتوى النوطة، وتأتي مخالفة لما هو مطلوب وأحياناً لما هو منطقي، وللأسف نجد أنها مرغوبة من قبل غالبية الطلاب دون أن نجد مبرراً مقنعاً لذلك، فحتى في المقررات التي تؤمّن الجامعة كتاباً خاصاً بها يعمد الطالب لتأمين نوطة لهذه المقررات ظنّاً منه أن من صممّها قد اختصر فيها كل ما هو ضروري وكاف لضمان النجاحن ومازلنا مصرّين إلى ما لا نهاية على محاربتها، والتأكيد على أنها لا يمكن أن تحلّ محلّ المحاضرة الفعلية حيث الفكرة والشرح والتطبيق، أي كل ما يدفع الطالب أكثر فأكثر نحو النجاح.
وجب سهلة التحضير
وفي وقفة مع بعض الطلبة وسؤالنا عن النوطة على الرغم من كثرة العيوب والأخطاء فيها كانت الإجابات كالآتي:
• تقول إيفان العلي وهي طالبة في قسم اللغة العربية: كمية كبيرة من المواد الحفظية في قسم اللغة العربية، تحتاج إلى الوقت الكثير للاطلاع عليها وحفظها، أشتري المحاضرات لأستغني عن وقت كبير وصعوبة وركاكة، أوفر الجهد والوقت والمادة ملخصة وجاهزة ولا أريد سوى النجاح .
• يقول أحمد دالي وهو من قسم علم الاجتماع: اعتدنا على شراء المحاضرات في سنواتنا الأولى وجهنا معظم طلاب السنوات المتقدمة إلى شراء النوطات من مكتبات معينة وقيل لنا فبمجرد شراء المحاضرات الجاهزة وحفظها سوف تنجح وأنت لست بحاجة إلى حضور المحاضرات.
• لمى سعيد طالبة في قسم اللغة الإنكليزية تقول: أستغرب كيف يمكن لطالب في كلية الآداب وخصوصاً في قسمي اللغة العربية والفرنسية أن يتخرج من كلية لم يحضر فيها أية محاضرة ويدرس المحاضرات من النوطات الجامعية فليس بإمكاننا أن نتخرج من دون الحضور، كيف سنكتسب اللغة ونحن نتعلم الدروس غيبياً، وهناك أخطاء قاتلة في النوطات قد تؤدي إلى الرسوب، لأن لدينا في كلية الآداب أخطاء تسمى القاتلة فبمجرد ارتكابها تؤدي بالطالب إلى هاوية الرسوب؟
نور محمد حاتم