مع الطموح والأمل تمرّ فترة الامتحانات .. وبالتخطيط والتنظيم لدراستهم .. نربح جيلاً متفوقاً ومبادراً ومبدعاً
العدد: 9357
29-5-2019
في كثير من الأحيان ننتظر نحن كأهل من أبنائنا تحقيق ما فاتنا من أمنيات كانت تخص مستقبلنا، فنعيش الطموح والأمل من خلالهم، مع الإصرار على دفعهم نحو النجاح بشتى الوسائل والسبل، نريدك أن تكون الأول على صفك – نريدك بطلاً رياضياً – نريدك أن تصبح فناناً .. رساماً ماهراً .. رغبات يطلبها الأهل من أطفالهم ليشعروا بالفخر والإنجاز من خلالهم، وفي المقابل يشعر الأبناء بأن العلاقة التي تربطهم بأهلهم مشروطة بالإنجاز المطلوب منهم دون الأخذ بعين الاعتبار مؤهلاتهم أو قدراتهم، وفي هذا التوقيت السنوي ومع استعداد العام الدراسي لإغلاق أبوابه وراء أيامٍ مضت بكلّ ما فيها من جدٍ وتعبٍ واجتهاد، أو بكل ما فيها من تعثر وتراجع أو مراوحة في المكان، تبقى النتائج هي الحكم والفصل في تقويم مسيرة العام الدراسي من فشل أو نجاح .. عوامل متعددة تحدد مدى إخفاق الطلاب أو تميزهم.. فالتعامل مع الامتحان يفرض استعداداً متواصلاً منذ بداية السنة إلى نهايتها لاجتياز المراحل الدراسية بتفوق، وليس الهاجس هو النتيجة بل المطلوب هو الاستيعاب المتكامل للمنهاج الدراسي لكل مرحلة ليكون العماد والأساس لاستمرار هذا التفوق في مراحل الدراسة ومن بعدها في الحياة العملية.. فمن يتحمل مسؤولية الفشل الدراسي عند أطفالنا؟ هل يتحمل الطفل وحده نتائج فشله الدراسي؟ وإلى أي مدى يمكن أن يؤثر الدور الكبير للأولياء على الحياة الدراسية لأبنائهم؟ ونحن إذ نستحضر هنا المسؤولية الأسرية في تعليم الأبناء، فإننا لا ننكر أن للمدرسة والمدرسين أيضاً الجانب الأكبر من المسؤولية ولا نغفل أبداً مهارات الطلبة أنفسهم ومدى قابليتهم واستجاباتهم للمواد والمعلومات التي تحتويها .. جهات عدة تتضافر لخلق نجاحات يقطف المجتمع ثمارها قبل الطالب .. ولكن ماذا لو حكم الفشل سير العملية التربوية؟
كيف يمكننا عندئذ تحديد الجهة المسؤولة عن هذا المسار العكسي لهذه العملية بكل مقوماتها؟ لنتابع الإجابات من خلال اللقاءات الآتية:
* السيد نضال ديب، مدرّس قال: في الواقع، أثبت علم الاجتماع التربوي أن دور الأسرة هو الحاسم في تفسير العديد من الاختلافات في النتائج التعليمية من طالب إلى آخر، لكن يجب علينا كمربين أن نتساءل هل أشركنا الأسرة فعلاً في التعليم؟ وبملاحظة صغيرة سيبدو لنا جلياً من خلال حياتنا اليومية في التدريس، ما للدور الأسري من أهمية، فالنتائج التعليمية للطلاب تصبح أفضل كلما كانت الأسرة متابعة لتحصيل أبنائها الدراسي وبالقدر نفسه تكون مستعدة لأن تفتح معهم سبل الحوار لمناقشة ما يشغلهم ويعرقل مسيرتهم التعليمية.
* السيدة نهلة سلامة، مهندسة وأم لطفلين في مرحلة التعليم الأساسي قالت: المسؤولية مشتركة بين الأسرة والمدرسة والطالب نفسه، ومع ذلك تجدر الإشارة إلى أهمية دور الأهل في مراقبة الواجبات المنزلية لأبنائهم ومساعدتهم على العمل بفاعلية أكبر وتوجيه الملاحظات وكذلك توفير شروط الدراسة السليمة، من قبيل إلغاء الحاسوب والهاتف المحمول، الأمر الذي يجعل الأبناء يتدربون على نظام حياة متوازن (التعود على أخذ قسط كاف من النوم.. التخطيط للدراسة وتنظيمها..)، فإذا كنا ننتظر الأخذ فعلينا العطاء أيضاً كل حسب دوره، فالمسؤولية تقع علينا جميعاً وما نأمله، نحن كأهل، هو أن نربح جيلاً واعياً ومبادراً ومبدعاً يحمل خيالاً وأفقاً علمياً يساير ويواكب تطورات العصر التقنية فأطفالنا ينتمون لجيل ذكي ومتكيف جداً مع كل ما يحيط به.
* السيدة تغريد بشارة، موظفة قالت: أرى أن دور المدرس قد تراجع في أيامنا هذه، فبعض المدرسين قد تخلوا عن القيام بواجبهم ورسالتهم النبيلة على أكمل وجه، فهم يسارعون للتفكير في الكسب المادي من خلال اعتمادهم على الدروس الخصوصية، التي أضحت هي الأخرى في الآونة الأخيرة مقصداً لعدد كبير من التلاميذ وأهاليهم متذرعين بالحجة الدارجة وهي أن المعلمين باتوا لا يقدمون الرسالة السامية المرجوة للتعليم، وأرى إن الحل يكمن في الاهتمام الكافي من قبل المعلمين في مختلف المؤسسات التربوية، وإيجاد التوازن الصحيح في تبادل المسؤوليات بين الأهل والمدرسة لدفع الأبناء نحو النجاح وتخطي كافة العقبات التي تعترض مسيرتهم التعليمية.
* السيدة سمر النداف، دبلوم دراسات تربوية قالت: لأن المسألة تمس الأطفال ومستقبلهم، يجب أن تكون مشكلة الفشل الدراسي محط الاهتمام الأول والأخير للمدرسة والمعلمين من جهة وأولياء التلاميذ من جهة أخرى، فمسألة الفشل الدراسي والتراجع في المستوى يتشارك في تحملها الجميع مع التركيز على الدور الكبير الذي يمكن أن يلعبه الأهل في هذا الصدد، إذ أن المتابعة اليومية إلى جانب اتباع سياسة التحفيز والتشجيع من قبل الأهل قد تعطي نتائج إيجابية باهرة، والمتابعة هنا لا تعني التقييد، بل هي محاولة غرس التحفيز والقدوة لدى الأطفال حتى لا يكرهون العلم والتعليم، بل يسعون إليه من خلال الحب والرغبة وهو ما يمكنهم من النجاح واعتلاء المراتب العليا وبناء مستقبلهم المشرق.
* الطالبة لمى حمّود، الصف السابع قالت: الفشل في الدراسة يرافق الطلاب الذين لا يعطون المادة الدراسية حقها من الاهتمام، فالأسئلة تكون سهلة على من اجتهد طيلة العام الدراسي، وستكون صعبة لمن لم يكن جدياً تجاه دراسته، أحب بالدرجة الأولى مادة اللغة الانكليزية، بعدها الرياضيات ثم اللغة العربية، وما تبقى في ذاكرتي من مواد ومعلومات، خلال هذه السنة والسنوات السابقة، قد صارت عندي بمثابة ثقافة فالمواد متنوعة، وفيها معلومات شاملة، وإضافة إلى المواد التي ندرسها، هناك مواد أخرى، نلتقطها برغبتنا، من هوايات في الموسيقا والرسم والرياضة، وهذه أيضاً تزيد من معلوماتنا ومن ثقافتنا، وتجعلنا أشخاصاً متفاعلين في المجتمع، وكلما كبرنا عاماً، حتماً نزداد علماً ومعرفة ونضجاً.
بقي للقول
يشكل مستقبل الأبناء الهاجس الرئيسي للأهل، وهذا ما يجعل كل امتحان يمرّ به الأطفال امتحاناً لكل الأسرة تعيشه ببالغ الترقب والخوف، ومع الأسف فإن نظام التعليم بشكل عام مسؤول إلى حد ما عن هذا الموقف من الامتحان، حيث لا يتم إعداد الطلاب لاستيعاب العلم ومواجهة الحياة بقدر ما يتم إعدادهم للنجاح في الامتحان، والمسيرة التعليمية يمكن أن تكون طويلة ومضنية قبل العثور على المفتاح الذي يسمح للطالب بالتخلص من الصعوبات التي يواجهها مستعيناً بأهله ومدرسيّه ومعتمداً على قدراته ومهاراته، لكن وكما يقولون: لا أحد ينتظر لحظات النجاح والتفوق، إنما بالعمل والجهد نستطيع أن نصنع هذه اللحظات، فالنجاح هو نوع من إثبات الذات وجني ثمار الجهد المتواصل بالتعامل الصحيح مع الزمان والمكان والظروف ليكون القطاف مثمراً ومستمراً، مع أطيب التمنيات لجميع طلبتنا الأعزاء بدوام التفوق والنجاح.
فدوى مقوص