مجبل إسفلت الصنوبر .. وحكاية إبريق الزيت!!

الوحدة:30-8-2023

فشلت كل المحاولات بزحزحة مجبل إسفلت الصنوبر عن مكانه، فبقي هذا “الصرح” جاثماً على صدور أهل المنطقة رغم كل المناشدات لنقله إلى مكان آخر.

المجبل الموجود على أوتوستراد اللاذقية  – جبلة، وتحديداً في قرية الصنوبر، لم يكترث لكل القرارات الصادرة بحقه، لأنه – كما يبدو – أقوى من تلك القرارات، وأشد بأساً من كل التوصيات، ليستمر بتصدير المخاطر التنفسية الكبيرة  للأهالي القاطنين بجواره، وليمعن في تشويه معالم المنطقة، وصبغ بساتينها الخضراء بلون أغبرته السامة..

اختصاصي بالأمراض الداخلية والصدرية يوضح مخاطر ما ينبعث من المجبل..

الدكتور نزار يونس الاختصاصي بالأمراض الداخلية والصدرية،ورئيس قسم العزل في مشفى الحفة قدم لنا لمحة عن مخاطر ما ينتجه هذا المجبل من سموم، فقال للوحدة:

” كان من المفترض بناء هذا المجبل في منطقة بعيدة عن المناطق السكنية، ولكن للأسف هو موجود في هذه المنطقة منذ عقود، حيث المناطق الخضراء والمزارع و البيوت الآهلة بالسكان، وتنبعث منه بشكل مستمر الروائح والأغبرة الضارة والدخان، ولا مفر لجيرانه من استنشاق سمومه، فالإنسان يجب أن يتنفس بشكل مستمر من الهواء المحيط به، وسكان المنطقة يستقبلون بشكل يومي هذا الهواء الملوث بالأغبرة الضارة والمخرشة للجهاز التنفسي، وهم حتماً سيصابون بالتهابات قصبية تنفسية مزمنة نتيجة التخريش المستمر لمخاطية القصبات، وكما هو معروف، فإن التهاب القصبات المزمن يؤدي إلى تخرب تدريجي في القصبات وينتهي بالقصور التنفسي، وتصبح الرئة غير قادرة على أداء وظيفتها المعروفة، و بناء عليه، تصاب الرئة بالقصور، مما يجعل المريض غير قادر على تحمل أي جهد من الجهود الاعتيادية، كمشي مسافات قصيرة مثلاً.

د. يونس أكد أن هذه الأغبرة والدخان ناتجة عن احتراق مواد نفطية وعضوية، وهذه الاحتراقات تؤدي إلى حدوث سرطانات بالجهاز التنفسي مع الزمن والتعرض المستمر لها.

ملوثات بصرية تشوه معالم المنطقة..

المجبل إياه لم يكتف بزرع المرض في محيطه، بل تعداها ليشكل حالة من التلوث البصري في منطقة خضراء مليئة بالأشجار وبساتين الليمون والزيتون، لتشكل الأغبرة الناتجة عنه غطاء كالحاً لهذه الخُضرة، يخرب المشهد العام ويؤذي العين، ويكفيك المرور لثوان في تلك المنطقة، لتكتشف بعضاً مما يعانيه سكانها

قرارات صدرت ولم تنفذ!!!

ما يلفت الانتباه في قصة المجبل هو تلك القرارات التي صدرت في معرض التخلص منه ونقله إلى مكان آخر، فقد أوصى مجلس محافظة اللاذقية بجلسته التي انعقدت بتاريخ ١٣ / ٧ / ٢٠٢٠ بإيقاف العمل بشكل كامل ونهائي في المجبل نظراً للضرر الحاصل على سكان المنطقة والبيئة المجاورة، وحدد المجلس تاريخ الإيقاف في ١٥ / ١٢ / ٢٠٢٠ ،

كما أوصى المجلس بتأمين قطعة أرض تزيد أو تماثل مساحة الأرض التي يشغلها المجبل حالياً في المنطقة الصناعية أو أي موقع آخر مناسب، وتخصيصها لصالح فرع الشركة العامة للطرق والجسور كي يتم نقل المجبل إليها، كما طُرح الموضوع ضمن اجتماع رئاسة مجلس الوزراء في ٢١ – ١  – ٢٠٢١ لنقل المجبل إلى مكان آخر حفاظاً على السلامة البيئية، ولكن الواقع بقي كما هو، ولم تحرك تلك التوصيات أي ساكن..

الجهة المشغلة للمجبل توضح وتؤكد أن المجبل لا يشكل ضرراً..

للاستيضاح عن الأمر، تواصلت الوحدة  مع رئيس بلدية الصنوبر ثائر الدبس للاستفسار عن سبب التأخير بترحيل المجبل والحديث عن مخاطره على الأهالي، ولكنه رأى أن الحديث عن هذا الموضوع :

” ليس وقته حالياً” !!، فلجأنا إلى المهندس شادي الليوا مدير فرع الشركة العامة للطرق والجسور في اللاذقية الذي أكد أن التأخير بترحيل المجبل سببه عدم تخصيص قطعة أرض من مديرية الزراعة والبلدية، مع ضمان  موافقة الأهالي لنقل المجبل إليها حرصاً على استمرارية العمل ، فعملية نقل المجبل تستدعي توقفه عن العمل لمدة سنة كاملة، وهذا الأمر سيؤثر على سير تنفيذ الأعمال المترتبة عليه، علماً أن وجود المجبل في مكان قريب يفيد القطاع العام، ونحن لانستطيع نقله إن لم يتوفر المكان المناسب له”.

وعن عمل المجبل في الوقت الراهن أضاف م. الليوا:”في ظل الظروف الراهنة، انخفض إنتاج المجبل بنسبة ٩٠%، فنحن نقوم بالأشياء الضرورية، ونعمل لسد الاحتياجات،و ننظم الطرق في المحافظة فقط بسبب الصعوبات وقلة المحروقات، وأكد م. الليوا أن عمل المجبل بالطاقة الحالية يحد من ضرره، ورغم ذلك، سيؤثر تعطيله بشكل كبير، وسينعكس سلباً على سير العمل”.

وعن مخاطر المجبل قال المهندس الليوا :

“المجبل قديم ولو كان قد سبب أذى لكان الأذى واضحاً، فنحن زودنا المجبل بدارة تصفية مائية متطورة للحد من الانبعاثات،و لا يشكل أي ضرر في الوقت الحالي ..

وعن شكاوى الناس من الأدخنة، أكد م. الليوا أنه واثق من أن هذه السنة والسنة الماضية لاوجود لأي شكاوى،لأننا عالجنا الموضوع بشكل كامل بعد تزويده بتنقية وتصفية مائية، ولو كان هناك انبعاثات،لكان عمالنا أول من تضرر بها، فأمورنا جيدة بالنسبة لهذا الموضوع”.

ختاماً..بين ماعاناه أهالي المنطقة من وجود هذا المجبل، وما شرحه الطبيب الاختصاصي عن مخاطره، وماساقته الجهة المشغلة من توضيحات، هناك حقيقة ثابتة تقول: إن المجبل موجود في المكان الخطأ، وقد شكل ضرراً كبيراً للمنطقة على مدى عقود، وآن الأوان لنقله إلى مكان آخر عملاً بالقرارات والتوصيات الصادرة بهذا الشأن..

 

أفرورا عيسى

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار