الوحدة : 20-8-2023
خلال هذه المرحلة نحن بأمسّ الحاجة لعودة عجلة الاقتصاد الوطني الذي كان موضع احترام وتقدير العديد من الجهات والأسواق العالمية التي كانت تؤمن بجودة الصناعات السورية بكافة مجالاتها، وحتّى الأمس القريب أثبتت الأحداث والتطورات المتلاحقة أن الصناعات السورية والقائمين عليها مشهود لهم ببراعتهم وجودة ما ينتجون سواء من جهة القطاع العام أو الخاص.
وبالعودة إلى واقع أهم الصناعات الحالية (المتبقّية)، تعتبر الصناعات الزراعية وسيلة أساسية لتحويل المواد الخام إلى منتجات ذات قيمة تدعم الدخل وتتيح مجالات وفرص عمل تساهم في تنمية الاقتصاد، وصناعة التبغ أو الدخان تعد من أهم الصناعات القائمة حالياً، فهي تتربع على عرش صناعاتنا الوطنية، وتمتلك جميع المقومات التي تؤهلها لنيل هذه المكانة، لكن ما نشهده الآن من تذبذب بأوضاع هذه الصناعة المحلية من حيث الجودة والسعر بعيداً عن زراعتها وبراعة الفلاحين المهتمين بها، فقد أصبحت شعبيتها تعود إلى الخلف كثيراً بغض النظر عن منافستها الأجنبية و(بواكيها) النحيلة القادمة من بعيد، إذ نشهد هذه الأيام أفول سطوة الباكيت السورية وتباهيها بطولها الفاخر، عبر سوء بالتصنيع يُذهب بريقها وخاصة الحمراء الطويلة ومسمياتها العديدة، من ناحية أخرى، ومؤخراً لحق سعر الباكيت ما يقارب ال ١٠٠٠ ل.س زيادة، بغض النظر عن سعر الطرد الكبير منها وتفصيلاته السعرية التي تُلزم المعتمدين، فأصبحت هذه المادة المحبّبة لدى شريحة كبيرة من الناس تتماشى من حيث تحرّك أسعارها صعوداً كما بقية السلع وتشبه كثيراً الأسعار المتلاحقة للسورية للتجارة وكذلك الأدوية وسلع كثيرة أخرى، وأصبح الغالبية من المدخّنين يبحثون عن بدائل أخرى بفعل الأوضاع المادية، وبات دخان (الّلف) هو البديل وهو الموطن الآمن قليلاً لهذه الشريحة، مع العلم أن هذه الزيادات المتلاحقة يرافقها استفسارات واستنتاجات عقيمة بين أسعار التبغ الخام الذي يُرهق المزارع لنحو عام كامل عبر سلسلة طويلة من المعاناة تتمثل بظروف الطقس وعملية الزراعة والقطاف والشك و ” التشميس ” وغيره، وبحسبة بسيطة لجأ المدخّن لترشيد مصروفه اليومي عبر شراء هذه المادة لنحو الشهر فنتج عنها توفير الضعف مقابل شراء الباكيت المصنعة، مما أدى لاستمالة الغالبية من المدخنين خاصّة أهالي القرى منهم لزراعة الدخان إلى جانب الزراعات الحقلية (المكلفة) من جهة استهلاك المياه بالمقارنة مع زراعة الدخان الذي يحتاج لرية واحدة أو اثنتين في الموسم الواحد، وبعد هذه الارتفاعات والانتكاسات التصنيعية، هل يعود المدخنون إلى الّلف أم أنها دعوة إجبارية حقيقية للإقلاع عن التدخين؟!
سليمان حسين