الوحدة: 15- 8- 2023
قسوة الحياة وصخب المدينة الواسعة جعلتهم في أتم الاستعداد ليكونوا أفراداً فاعلين بغضّ النظر عن أعمارهم الصغيرة وفي بعض الأحيان بكهولة ووقار، هؤلاء الباحثون عن لقمة عيشهم بعيداً عن دروب السوء من سرقة ونشل واختلاس وطمع بأملاك الغير، هم بريئون بامتياز، علماً أن الأرضية خصبة لارتكاب الكثير من المعاصي، لكن ما نشاهده في بعض الشوارع هو عبارة عن فنون بتطبيق القواعد العامة للرتابة وحسن التصرّف، لقد أصبح لهؤلاء الفتية طُرقهم الحديثة في البحث عن القمامة القابلة للتدوير وأساليب ميسّرة في عمليات النقل عبر عربات حديدية تحمل صندوقاً من الشبك الحديدي، بعد أن كانت أكتافهم المحمل الأوحد لأكياس تلك المواد المُستخرجة من صناديق الحاويات.
وعلى الطرف الآخر هناك مختصّون يبحثون عن فُتات الخبز اليابس الخاص بالعلف وعلى الغالب هم من أصحاب الأعمار الكبيرة، يقدّرون قيمتها فيقومون باحترام وجودها ويعزلونها في مكان نظيف، وهم على دراية كاملة بأن عمليات نبش الحوايا هي من المخالفات الصريحة ويستوجب قمعها، لكنهم لم يتركوا للدوائر الرسمية سبباً مقنعاً يمنعهم من ممارسة اختصاصهم، حيث يعمدون إلى ترتيب وتنظيف ما حول تلك الحوايا ولا يتركون أيّ أثر لعمليات النبش والبحث، وبعد كل ذلك هل تصبح هذه التصرفات ورتابتها مرآة للغير في طريقة رمي القمامة المنزلية ووضعها ضمن أكياس محكمة خاصّة في أحياء المدينة والقرى؟ وهل نرى جهة رسمية تقوم بإرشادهم لخطورة أعمالهم خصوصاً من الجانب الصحّي، وتلزمهم بكمامات وكفوف واقية تبعد عنهم ما أمكن من الأمراض والأوبئة التي يحتكّون بها مباشرة؟
سليمان حسين