العدد: 9279
28-1-2019
منذ الصباح وأنا أنتظر في ممر طويل، يتسع لحكايات وقصص سردها البعض في غرف مغلقة أمام قاض، وإلى جانبه محاميه الخاص، ممر ينتظر الناس كل حسب ما يريد منهم من ينتظر قصاص غريمه ومنهم من ينتظر براءة ابنه أو قريبه، ومنهم من ينتظر حكماً ينصفه من ظلم وقع عليه، وأنا كنت أنتظر دون هدف شخصي سوى أني أريد حالة أدونها في دفتري كي أعرضها في صفحة يقرأها العامة، علّها تكون عبرة أو درساً وفي أكثر الأحيان قد تكون تسلية لمن أراد، قبل انتهاء الدوام الرسمي بساعة تقريباً وقعت عيناي على شاب لم يتجاوز الثلاثين عاماً يصطحبه اثنان من رجال الشرطة كي يدخلوه إلى غرفة القاضي الذي ينتظره بعد أن فرغ من العديدين، أسرعت إليه وتوسّلت الرجلين كي يحكي لي وبشكل سريع عمّا أتى به إلى هنا، شعرت أنه ينتظرني دون أن يعرفني، وفوراً قال: لقد غسلت عاري بكلتا اليدين! قلت: كيف؟ قال: نحن من خارج المحافظة إلا إننا من سكانها منذ فترة طويلة نحن عائلة فقيرة على قد الحال، نأكل من عرق جبيننا، 5 أخوة و 3 أخوات حينما كبرت أحببت ابنة الجيران وخطبتها على سنة الله ورسوله كانت صديقة أخواتي البنات وكنت أعمل كسائق سيارة أجرة، وأقوم بواجبي تجاه أهلي، وأحياناً تجاه خطيبتي قدر المستطاع ورغم أننا اتفقنا منذ البداية أني لا أستطيع الاستقلال عن أهلي ووافق أهلها على هذا الشرط، إلا أن والدتها ومنذ بداية خطوبتنا كانت تسمعني بعض الكلام بشأن هذا الموضوع ودبّت الخلافات بيننا، وازدادت بيني وبين خطيبتي حتى وصلنا لمرحلة الشجار واتسعت الهوة بيننا، وأخذت تتصل بي وتجرّحني بكلامها حتى وصلت لدرجة أنني كرهتها، وفسخت خطوبتي منها ومن شدة غضبها اتّصلت بي وراحت تعيرني بشقيقتي، قالت لي بأن أختي ليست عذراء وبأنها تورطت مع أحدهم فار الدم في عروقي، واجتاحني غضب مجنون، أسرعت إلى أختي أمسكتها من رأسها وهي واقفة وأخذت أضرب رأسها بالجدار بقوة وهياج فلتت أعصابي لكن ازدادت قوتي راح رأسها يدق الجدار الصامت وهي تصرخ: أنا بريئة، طار الدم من رأسها وبقع المكان تهادى صوتها، وصعدت روحها إلى السماء وسقطت على الأرض دون حراك.. وأنا اّتجهت إلى المطبخ غسلت يداي من آثار دماء لم أعرف فيما إذا كانت مرتكبة… وفتحت الباب واتجهت إلى أقرب مخفر للشرطة.