تسطّح فكري !

العدد: 9278
الأحد 27-1-2019

في قصة الرهان لـ (تشيخوف) يقبل أحد الأشخاص أن يبقى منعزلاً لمدة خمسة عشر عاما على أن يربح بعد انقضاء مدة الرهان مبلغاً كبيراً من المال.
ويدخل الرجل إلى عزلته، يفكر ويفكر، كيف سيقضي كل هذا الوقت بين أربع جدران, قد تسمع كما يقال لكنها لا تتكلم، فلا يجد إلا القراءة وسيلة لملء الفراغ.
وتمضي السنوات وهو غارق في القراءة، لم تبق إلا دقائق معدودة لانقضاء المدة، لكن الرجل لم ينتظر وخرج رافضاً الثروة والمال, لأنه اكتشف أن الثروة الحقيقية هي ما تعلمه من خلال قراءاته طوال تلك السنوات.
عندما رويتُ فكرة هذه القصة لأحد الأشخاص في محاولة مني لإقناعه بأهمية المطالعة في تطوير وارتقاء الفكر الإنساني فاجأني برده كما فاجأنا السيد تشيخوف بنهاية قصته، قال لي: إن بطل هذه القصة مجنون، لو انتظر انقضاء تلك الدقائق لربح المال والمعرفة!
قلت له: لو فعل ذلك لما كانت هناك قصة في الأصل ولو اختار الكاتب هذه النهاية لما خلّد الأدب هذه القصة.
هذا الحوار البسيط يضعنا وجها لوجه أمام ظاهرة التسطح الفكري التي يعاني منها معظم أبناء هذا الجيل نتيجة عزوفهم عن المطالعة.
ترى إلى متى ستبقى عقولنا مكباً لنفايات الآخرين، ولماذا لا نحصّنها بالمزيد من القراءة والاطلاع كي نضمن أننا لا نسير بهذا الوطن إلى الوراء

مؤتمن حداد 

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار