بحر و سلام

العدد: 9350

20-5-2019

لم يسلم البحر، لم تسلم شواطئه، قدر الشواطئ أن تحمل, وتتحمل.. أن تلقى وتتلقَى،
أن تشهد وتشاهد، قدر الشواطئ تحمَل الأوساخ والبشر، قدرها أن يرمي البحر أعباءه عليها, وأن يرمي البشر قذارات وأشلاء .. ما شاء ما شاء.. أجساد بلا أرواح، البحر عبادة، ومكب قمامة، وما يزال الصياد يملأ سلاله ليعيش.
بالأمس رمى البحر رجلاً, وطفلاً, ثم امرأة.. بالأمس حملهم وابتعد، ثم عاد وحيداً،
هم لا يتركونه، وهو ما يزال يرمي.. حمَال الهموم، يغسلها، يعيد الألق, وقد لا يعيد..
على المكسر البعيد هناك، يتسلى رجال أو يعملون، وينتظرون، لفحتهم الشمس فتشابهوا، السلال فارغة بعد ساعات انتظار، من حمل له الحظ سمكة أو سمكات
صاح عند بداية شارع: تازة السمك، ومن غلبه الجوع, نام راضياً بعد وجبة غمرت أنفاسه رائحة أدمنها, وعشقها.
وحدهم العشاق يصنعون الفرح عند موجات تضرب أرجلهم، يتماكسون بأصابع من حرير، يتشبثون بصخرة, بموجة, ويضحكون.
شاطئ طرطوس، لو استطاع أن يقول لقال: دعوني وموجي, وصخبي, وسكوني, وسلامي، دعوني وعشاقي, وأحبابي, وزواري.. لا تحولوني إلى متجر, أو سوق،
فعندي أمسيات حب للمبدع الخلاق، وعندي الضيوف.
دعوني للأنفاس الندية, للأرواح الراضية, للصيادين, ولمن يبحث عن سلام.

سعاد سليمان 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار