ســــــــباق

العدد: 9350

20-5-2019

 

مجموعة من الشباب والشابات، قرروا التسابق لمسافة ليست طويلة، على الرغم من أن حالاتهم الصحية ليست على ما يُرام، وكل واحد فيهم له احتياجاته الجسدية الخاصة به.
اجتمعوا في المكان المناسب المتفق عليه لبداية السباق، الكل جاهز نفسياً لا جسدياً والكل يريد أن يتحدى وضعه الصحي، ويفوز على غيره، ويصل خط النهاية، كي يثبت لنفسه وللآخرين بأن إرادته قوية وهمته عالية، ولا ينقصه شيء وهو مكمل مكتمل كغيره من البشر، ولكنهم أرادوا المشاركة برغبة جامحة ورضى بملأ نفوسهم للتجربة والتحدي وإثبات الذات.
أعطيت إشارة البدء، وما أن بدأ السباق حتى انزلق أحد المشاركين من الذكور عندما حاول الركض مندفعاً حسب قدراته الجسدية والعقلية، ولأن جسده لم يساعده ولم يسعفه على تنفيذ تلك المهمة الجسدية غير السهلة على وضعه الصحي، تدحرج قليلاً واستقرّ على رصيف الطريق، ثم جلس وبدأ يبكي بصوت أسمع كل المشاركين، الذين لم يبتعدوا عنه كثيراً، أبطؤوا سيرهم وانتبهوا إلى الخلف، فوجدوا زميلهم في السباق قد وقع على الأرض وجلس يبكي من ألمه الجسدي وحرقة قلبه على عدم مجاراتهم بالركض، وتوقف الجميع عن الركض أو المشي وعادوا كلهم إلى عند زميلهم الجالس يبكي ويندب حظه العاثر، جَلَسَتْ بجانبه فتاة واحتضنته، ثم ضمته نحوها بحنان وقالت له: هل أنت بخير يا صديقي؟!، هل أنت الآن أفضل؟! فكانت لفتة جيدة جداً من قبل رفاق السباق، جعلته ينسى آلامه الجسدية والنفسية نتيجة هذا الموقف، ابتسم لها وأومأ بالإيجاب، ثم تابع الجميع ومشوا مع بعضهم البعض جنباً إلى جنب بأيدٍ متشابكة حتى خط النهاية.
فرح كل من شاهد هذا الموقف، وبدأت الجماهير الموجودة بالتصفيق والتهليل طويلاً.
يجب أن نعلم بأن في دواخلنا إرادة للحياة مفعمة بالإنسانية، أحلى وأسمى أكثر بكثير من مجرد أن نحقق الفوز لأنفسنا، والأمر الأكثر أهمية في هذه الحياة هو أن نقدم ما نستطيع للآخرين ونساعدهم على النجاح والفوز والتقدم، حتى لو أحتاج الأمر أن نبطئ وننظر إلى الخلف، ونغير اتجاه سباقنا نحن.

حسن علان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار