الوحدة 8-4-2023
يحتفل باليوم العالمي لكتاب الطفل منذ أكثر من خمسين عاماً في الثاني من نيسان من كل عام ، ويُصادف هذا التاريخ يوم ميلاد الأديب الدانماركي الشهير “هانس كريستيان أندرسن” (1805–1875م) صاحب الروائع في مجال أدب الأطفال (فرخ البط القبيح، الحورية الصغيرة، بائعة الكبريت، جندي الصفيح… إلخ)، ورائد الحكايات الخرافيّة، وصاحب التأثير العالميّ العميق في مجال الكتابة للأطفال.
وبهذه المناسبة ، وتحت عنوان ” ثقافة الطفل… فوضى عارمة ومسؤولية مضاعفة”، كتب رئيس تحرير مجلة الأطفال (أسامة) مقالاً في الملحق الثقافي لجريدة الثورة عبر فيه عن شجونه حول ما يتعلّقُ بالكِتاب المُوجّه إلى الطفل العربيّ عامّةً، وذلك من خلال طرحه للتساؤلات الآتية : هل ما نُقدّمُهُ إلى الطفل العربيّ من كُتُب ودوريات يُشكِّلُ إضافةً حقيقية إلى ما قُدِّمَ إليه سابقاً عربيّاً وعالمياً؟ وفي خضمّ الثورة الرقميّة وانتشار مواقع التواصُل الاجتماعيّ والألعاب الإلكترونية، هل نحن قادرون على أن نشدَّ الطفل العربيّ إلى القراءة والاطلاع على ما تُراكِمُه المطابعُ من كُتُب وإصدارات مُوجّهة إليه؟.
وأكد بيرقدار وجود بعض السمات التي طرأت على الأدب الموجه للطفل وأهمها تداخله مع الطابع التجاري الذي بات يطغى على غالبية أنواع هذا النوع من الأدب، حيث قال : معَ ازدياد عدد دور النشر المُختصّة بالأطفال في البلدان العربيّة، ومع ازدياد معارض كِتاب الطفل والمهرجانات الخاصّة بثقافة الأطفال، نلحظ أنّ المنحى التجاريّ هو المهيمن، وهو المُعوَّل عليه الأساسيّ في التعاطي مع منشورات الطفل في هذا الزمن الاستهلاكيّ، مع قلّة الجودة الأدبية والفنية لهذه المنشورات عامة، ومعَ فوضى عارمة في التعاطي معها، فكثيراً ما نُصادف في بعض دور النشر المشاركة في معارض الكتاب كُتباً تتضمن محتوياتٍ متنوّعة لا تلائم الطفل، وكتُباً تتضمّن معلومات وصوراً جُمِعَتْ جَمْعاً دون أيِّ ترابط أو وحدة أو هدف، وكُتُباً لكتاب جُدد ليسَ لديهم الخبرة الكافية في الكتابة للطفل، وهذا كلُّهُ ينعكسُ سلباً على واقع ثقافة الطفل العربيّ.
وأشار بيرقدار إلى تركيز عددٍ لا بأسَ به من دور النشر على الكُتُب المُترجَمة لكلاسيكيّات أدب الأطفال في الغرب بترجمات وطبعات تتفاوتُ مستوياتُها من الجيّدة إلى التجاريّة الرديئة، معَ أنّ هذه الكلاسيكيّات لم تَعُدْ تصلحُ لطفل اليوم على نحوٍ أو آخر، معَ ملاحظةِ أنّ غالبيّة تلك الكُتُب تُركّزُ على الشكل الخارجيّ والرسُوم والألوان في محاولة لجذبِ الأطفال وذويهم بناءً على هذا الزُّخرف الشكلي فحسب، في حينِ أنّ المضافين التي تحتويها هذه الكتُب تئنُّ وترزح تحت وطأة اللاجدوى وانعدام الفائدة والمتعة، معَ العلم أنّ كتاب الطفل المثالي هو الذي يقوم على التكامُل الفني الخلّاق بين الشكل والمضمون، فهو ليس رسوماً وألواناً برّاقة فقط، إنما هو في الأساس مضمونٌ راق وممتع ومُعبِّرٌ ومفيد.
ورأى بيرقدار أن أطفالنا ليسوا في مأمن من فوضى المنشورات التي تقدّم إليهم، وأصبحت المهمّة المُلقاة على عاتق الأسرة في اختيار الكُتُب المُناسبة والمفيدة لأطفالها مهمةً صعبةً جدّاً في ظلّ هذه الغزارة غير المنضبطة من الكتُب والمجلات وغيرها من وسائط النشر، وهنا يبرزُ دور النقد في تمحيص هذه الأكوام الهائلة من المنشورات وتمييز الغثّ من السمين، والنقدُ في هذه الحال يمثل حالةً توعويّةً للمجتمع ككُلّ حيالَ تلك المنشورات، ويُساعِدُه في اصطفاء المنشورات المناسبة للأطفال واستبعاد ما هو غيرُ ملائم لهم ممّا تزخر به سوق النشر للأطفال في البلدان العربية على اختلاف مستوياتها.
فدوى مقوص