الوحدة: 21- 3- 2023
يحتفل الشعب الإيراني الشقيق في كل عام بعيد النوروز الذي هو بداية رأس السنة الهجرية الشمسية وبداية الربيع، الأول من فروردين, أي الحادي والعشرين من آذار (الانقلاب الربيعي)، وتصبح إيران قبل أيام العيد خلية نحل استعداداً لهذا الحدث السعيد، وهذه المقالة هي نبذة تاريخية عامة عن جذور هذا العيد.
تعود جذور هذا العيد إلى ما قبل تأسيس إيران الحالية حيث ترجع إلى ما قبل ثلاثة آلاف عام, وكان الملك الساساني كوروش الكبير أول ملك عدّ عيد النوروز عيداً رسمياً في البلاد، وتعدّ الأيام الخمسة الأولى من هذا العيد احتفالاً خاصاً لعامة الناس يقال له “نوروز العامّة”، واليوم السادس منه كان يقام في البلاط الملكي فيقال له “النوروز الكبير”. وكان الإيرانيون القدماء يعتقدون أن مصير الإنسان والعالم وتقسيم الأرزاق والسعادة للسنة القادمة يتحدد في عيد النوروز.
يبدأ الاستعداد للعيد قبل خمسةٍ وعشرين يوماً من يوم العيد بتنظيف البيت وشراء ملابس جديدة والاحتفال بآخر أربعاء من السنة وإشعال النار إلى اليوم الثالث عشر بعد العيد.
مع مضي عدة أيام من الشهر الأخير(اسفند) من السنة الإيرانية يقوم الناس بزراعة الحنطة أو أي نوع من الحبوب الأخرى في أطباق صغيرة ويبدؤون بتنظيف البيت وغسيل السجاد وتنسيق وترتيب البيت من جديد و زرع الورود ونباتات الزينة استعداداً لاستقبال النوروز بحلّة جديدة.
ومن إحدى العادات المتعارف عليها قبل مجيء النوروز زراعة الحنطة أو أي نوع من الحبوب السبعة. وبحسب الروايات القديمة كان الإيرانيون القدماء قبل خمسة وعشرين يوماً من العيد، يبنون سبعة أعمدة من الطين في فناء البلاط الملكي وكانوا يزرعون على كل عمود نوعاً من الحبوب، ومن كيفية نموها يتنبؤون بجودة أو رداءة محصول الحبوب في تلك السنة، فكانوا يتفاءلون بالحبوب التي نمت جيداً على أن محصول هذه السنة جيد ووفير، وبقي هذا التقليد إلى يومنا هذا حيث يضعون هذا الطبق على سفرة السبع سينات.
وبحسب اعتقاد الإيرانيين القدماء(حالياً هذا العمل يقام في محافظة خراسان) يجب أن تكون الأواني الفخارية جديدة لكل عائلة قبل النوروز، ومن هذه الجهة كانت العادة رمي كل شيء من أوانٍ وجرار فخارية قديمة موجودة في البيت من أعلى البيت وكسرها وشراء واستعمال أوانٍ جديدة ومن خلال هذا التقليد يحافظون على نظافة البيت وصحته ويبعدون الأمراض عنه في السنة الجديدة.
ومن العادات القديمة التي تم توارثها أيضا إشعال النار في الأربعاء الأخيرة من السنة، حيث كان القدماء يؤمنون بعودة أرواح الأموات في الربيع إلى أقاربها لمساعدتهم، وحتى لا تتوه الروح عن بيتها كان الناس يشعلون النار فوق أسطح البيوت، حيث جرت العادة بعد إشعال النار في هذه الليلة أن تقفز العائلات مع أبنائها فوق النار مبتهجين فرحين، وأثناء القفز يردّدون هذه الجملة ” لونك الأحمر هو مني… ولوني الأصفر هو منكِ”.
يقوم الأقرباء بتهيئة سفرة متنوعة، فيضعون عليها أنواع عديدة من الأطعمة والفواكه، هذه السفرة هي سفرة السبع سينات الحالية، و تم اختيار رقم سبعة بسبب قداسته منذ الأزل كخلق الكون في سبعة أيام وكالكواكب السبعة والسموات السبع والأراضين السبع و أيام الأسبوع السبعة، فيتم وضع القرآن الكريم بالإضافة إلى سبعة أشياء على السفرة تبدأ بحرف السين.
طبق الحنطة(سبزه) أو أحد أنواع الحبوب السبعة التي تم زراعتها مسبقاً, يأخذونه على محمل الحظ السعيد.
السمنو(سمنو): نوع من الحلويات يحضّر من سنابل القمح الفتية ويرمز إلى اللحظات الحلوة في الحياة.
التفاح(سيب): يرمز للجمال.
السدر(سنجد): فاكهة حلوة المذاق بحجم حبة التوت الأبيض ويرمز للحب والعشق.
الثوم( سير) يرمز للصحة .
السماق( سماق): يرمز إلى لون طلوع الفجر و انتصار النور على الظلام.
الخل( سركه): ويرمز إلى الصبر والقدم والأصالة.
وفي اليوم الثالث عشر بعد العيد يخرج الإيرانيون بمعظمهم إلى أحضان الطبيعة ويقضون هذا اليوم بجانب الينابيع والأنهار وفي السهول والحدائق مسرورين فرحين حتى وقت الغروب.
من العادات الرائجة أيضاً خلال أيام العيد أخذ العيدية من كبار العائلة وتبادل الزيارات وصلة الرحم و السفر إلى الأماكن المقدسة والتاريخية. و الجدير ذكره أن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعترفت بتاريخ 23 شباط 2010 على أن 21 آذار هو اليوم العالمي لعيد النوروز.
د. رامز الليوا