ثقافة
10 كانون2/يناير 2022
صدر «ديوان الشاعر الـمَهْجري يوسف صارمي» جمع وتقديم الدكتور حسان أحمد قمحية ، ويقع فـي 200 صفحة من القطع الـمتوسّط، ويضمّ أكثر من 90 قصيدة للشاعر.
وُلـدَ الأديبُ والصحفي الـمَهْجري يوسُف بـن حَسَن صـارمي سـنة 1897 فـي محافظة طرطوس ، وتعلَّم القراءةَ والكتابة وأصولَ التَّجْويد على يد والده الشيخ حَسَن صارمي فـي البداية، ثمّ تابع دُروسَه تِلْميذًا عندَ الشيخ العلّامة سليمان الأحمد والدِ الشاعر الـمَعْروف محمّد سليمان الأحمد الشهير بلقب «بدوي الجَبل»، وهذا ما أكسبه أساسا علميا سهّل عليه مواصلةَ الـمُطالَعة والتعلّم وفـي سنة 1930 ، هاجر إلى الأرجنتين، وفيها أصدر مجلّتَه «الـمواهِب» سنةَ 1945 ، بعدَ أن كان ينشر ما يكتبه فـي مجلّاتٍ وصُحُف أخرى مثل جَريدتَـي السّلام والعلم العربـي والجريدة السوريّة اللبنانية، كما أسس مدرسةً لتعليم اللغة العربية عُمّرت سنتين وفـي سنة 1948 انتقل بالـمجلّة إلى العاصمة بيُونس آيرس، وظلّ فيها حتّى عودته إلى دمشق سنةَ 1965.
كان يوسف صارمي عضوا مؤسّسا فـي «الرابطة الأدبية» التي أُنشِئت فـي بيُونس آيرس سنةَ 1949 م، وداعِما وراعِيا لها؛ ومن أبرز أعضائها الأديبُ والشاعر جورج صيدح الذي كانت تربطه به علاقةٌ وَطيدة.
لم يكن يوسف صارمي شاعرا وكاتبا فحسب، بل كان صحفيا أيضا، حيث دأب على كتابة مقالاتٍ متنوّعة فـي الثقافة والأدب والسياسة فـي مجلّته «الـمَواهِب» التي كانت تصدر شهريا على مدى عشرة أشهر فـي السنة، وطوالَ عشرين عاما دون توقّف.
وقد جعل يوسف صارمي من هذه الـمجلّة لسانَ «الرابطة الأدبية»، وكرَّسها للأقلام العربيّة الـمُدافعة عن قضايا الأمّة.
قلَّ أن تجدَ شخصا يعتزُّ ويفخر بانتمائه العُروبـي والقومي كالأديب يوسف صارمي، فقد كان شديدَ الاعتزاز بالعروبة وبالانتماء لها، وكثيرا ما تغنَّى بها فـي شعره ونثره، ودافع عنها دفاعَ الأمِّ عن وليدها، ولعلَّ الناظرَ فـي قصائده يرى أنّه يذكر العربَ والعروبة فيها عشرات الـمرّات كما تبنَّى الشاعرُ قضايا أمَّته، فأسرجَ أدبه وسلّ قلمَه فـي الانتصار للقضية الفلسطينية، وأفردَ غيرَ قليلٍ من شعره للحديث عنها وعمّا حلَّ بها، وفـي استنهاض الهمم للذّود عنها.
يقول د. قمحية : لقد لَـمَحتُ اسمَ الشاعر والصحافـي السُّوري الـمَهْجري يوسف صارمي أوّلَ مرّة عبرَ قصيدةٍ له بعنوان «عادَ للروضِ زهوُه» فـي عددٍ من أعداد مجلّة الأديب، وعرفتُ أنّه من أدباء الـمهجر، مع أنّني لـم أكن أرى استشهادا بأشعاره فـي الكثير من الدراسات الخاصّة بهذا الأدب؛ فعدتُ إلى كتاب جورج صيدح الشهير «أدبنا وأدباؤنا فـي الـمهاجر الأمريكيّة»، فوجدتُ بعضا من الحديث عنه، كما وجدتُ بعدَ البحث والتحرّي أنّ هناك من ذكر شيئا من شعره، كما فـي عدة كتب صدرت في المهجر لكنّ بعضَ الكتب الرائدة فـي الأدب الـمهجري أغفَلْت ذكرَ هذا الشاعر، وبناءً على ما تقدّم، كان لابدّ لـي من البحث عن قصائد يوسف صارمي استكمالا لـمشروعي فـي جمع أشعار أدباء الـمهجر السُّوريين, إلى أن رأيتُ بالصدفة بعضا من أعداد مجلّته «الـمَواهِب» التي كان يُصدرها فـي الأرجنتين، وفيها قصائدُ كثيرة له، لكنّ هذه الأعدادَ لم تكن شاملة لجميع ما أصدره منها.
ويضيف د. قمحية : مضى وقتُ طويل وأنا أبحث عن بقيّة أعداد مجلّة «الـمَواهِب»الـمهجرية دون أن ألقى من يمدّنـي بها، إلى أن تعرّفتُ إلى الأديبة والباحثة الدكتورة آلاء ياسين دياب، التي أبدت اهتماما كبيرا بالـموضوع، ومن خلالها تواصلنا مع رامي عمران الصارمي ابن شقيق الشاعر ، الذي زودنا بجميع أعداد مجلّة «الـمواهب»، مع آخر ما نظمَ الشاعر، وبذلك استطعتُ جمعَ قصائده مع تَذْييلها بمناسباتها كما بحثتُ عن قصائد الشاعر فـي مراجع أخرى حصلتُ عليها، وذكرتُ كلّ ذلك فـي مواضعه من الديوان وأشير هنا إلى أنّ بعضَ الـمراجع ذكرت أنّ يوسف صارمي جمعَ شعرَه فـي ديوان مخطوط سمّاه «الصارميّات»، لكنّ ابنَ شقيق الراحل لـم يجد هذا الـمخطوطَ عندَ عائلته و بعدَ اكتمال الجمع والضبط، رتّبتُ تلك القصائدَ بحسب القوافـي، كما وضعتُ فهرسا لها حسب البحور، فضلا عن الفهرس العام
ومن الجدير ذكره أنّ بعضَ القصائد فـي الـمَصْدر كانت بلا عناوين، فوضعتُ لها عنوانا من سياقِها.
وقبلَ أن أدخلَ فـي عرضِ قصائد الديوان وتَبْويبها بحسب البُحور والقوافـي وضَبْطها، أجريتُ دراسةً مصغَّرة شملت حياةَ الشاعر وأغراضَه وموضوعاتِه وخصائصَ شعره وبعضَ الظواهر التي اكتنفتها على مستوى الإيقاعين الداخلي والخارجي ولم أغفلْ عن الإشارة إلى بعض الـملاحظات والتَّعْقيبات بحسب ما يَقْتضيه الـمقام.
وبعد أن رأى ديوان يوسف صارمي النورَ بوصفه أحـد أدباء الـمهجر، يأمل د. قمحية أن يصـبحَ مـادّةً علمية ترفـد الـمكتبةَ الأدبيّة الـمَهْجرية بالـمزيد من أعلام الـمهجر (سيرةً وشِعرا) ليكونَ أحدَ الـمراجع التي تُغْني هذه الـمرحلةَ الـمشرقة من تاريخ الشعر العربـي.