الوحدة 25-2-2023
نوقشت في جامعة تشرين /كلية الآداب والعلوم الإنسانية-قسم اللغة العربية/رسالة دكتوراه لطالب الدراسات العليا:”محمد حسن الكردي”بعنوان:”المصطلح اللّغوي بين التّراث والمعاصرة كتاب “كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم” للتّهانوي أنموذجاً، وذلك بإشراف : أ.د.”مالك ياسين”، و بعد انتهاء المناقشة تداولت لجنة الحكم المؤلفة من السادة: الدكتور: “مالك ياسين” والدكتور:”هايل الطالب”و الدكتورة:”أسمهان الصالح” والدكتور:”وحيد صفية” و الدكتورة:”بانا شباني”،و بموجب المداولة منح “محمد الكردي”درجة الدكتوراه بتقدير امتياز .
في مادتنا الآتية نسلط الضوء على أهم ما جاء في البحث من مضامين..
يُعَدّ المصطلحُ اللغويُّ من الظواهر التي شغلتْ اهتمامَ علماءِ العربيّةِ منذُ وقتٍ مبكّرٍ، إذِ استجدّتْ في اللغةِ العربيّةِ مفرداتٌ كثيرةٌ تعبّرُ عنْ دلالاتٍ خاصّةٍ بعلومٍ مختلفةٍ، بعضُها كانَ وليدَ الثقافةِ العربيّةِ، وبعضُها الآخرُ كانَ ينتمي إلى لغاتٍ أعجميّةٍ. فعُنِيَ بعضُ علماء العربيّة ـ منذُ ذلك الحينِ ـ بجمعِ تلك المفرداتِ الاصطلاحيّةِ، وتبويبها، وشرحِها، وربطِها بمجالِها العلميِّ الذي تنتمي إليه، متمثّلةً ببعضِ الرسائلِ اللّغويّةِ، ومن ثمّ ظهرتِ المصنّفاتُ الاصطلاحيّةُ العامّةُ التي عُنيَت بالإحاطةِ بعلومٍ مختلفةٍ، وكان منها كتابُ “كشّافِ اصطلاحاتِ الفنونِ والعلومِ” للتهانويِّ.
وقد تزايد اهتمام العلماء بالدرسِ الاصطلاحيِّ العربي في العصرِ الحديثِ، فكانَ للجهود الفرديّة، وللمجامعِ اللغويّةِ دورٌ مهمّ في هذا المجالِ، إذْ بدأتْ معالمُ الدرسِ الاصطلاحيِّ بالتوسّعِ والإحاطةِ والشمولِ، وأمامَ هذا التوسّعِ لُوحِظَ أنّ إحياءَ المصطلحات العربيّةِ القديمةِ، وجمعَها، وتبويبَها، ومقارنتَها بالدّرسِ الاصطلاحيِّ المعاصرِ، يهدُفُ إلى تكوينِ ركيزةٍ أساسةٍ في تطوير الدّراسات اللّغويّة في العالمِ العربيّ، فقد ثبَتَ أنّ مصنّفاتِ المصطلحاتِ ـ حتّى عصرِ التهانويِّ المتوفّى في القرنِ الثانيْ عشرَ الهجريِّ ـ تشكّلُ رصيداً لغويّاً يمكن الإفادةُ منهُ في وضعِ المصطلحاتِ اللغويّةِ المعاصرةِ.
ويهدف البحث إلى بيان مدى أهميّةِ الجهدِ الّذي بذلَه علماءُ العربيّةِ القدامى في مجالِ التّصنيفِ الاصطلاحيِّ، بَدءاً من كتابِ “مفاتيحِ العلومِ” للخوارزميّ “ت387هـ”، وانتهاءً بكتابِ “كشّافِ اصطلاحاتِ الفنونِ والعلومِ” للتّهانوي؛ بهدفِ إظهارِ تأثيرِها في صياغةِ المصطلحِ اللّغويِ المعاصرِ من خلالِ دراسةِ المصطلحاتِ اللّغويّةِ في كتابِ “كشّافِ اصطلاحاتِ الفنونِ والعلومِ” للتّهانوي؛ لأنّه يمثّلُ المرحلةَ المتأخّرةَ من التّأليفِ الاصطلاحيِّ في التّراثِ العربيّ، ويُعَدُّ منَ المصنّفاتِ الاصطلاحيّةِ العامّةِ الّتي جمعَتْ عدداً وافراً من المصطلحاتِ اللّغويّةِ العربيّةِ.
وأهمّ النتائج التي توصّلت إليها الدّراسة:ُ أنّ كتاب “كشّاف اصطلاحات الفنون والعلوم” للتّهانويّ يمثّلُ مرحلةً متأخّرة من التّصنيف الاصطلاحيّ في التّراث العربيّ، جمعَ فيه التّهانويّ مصطلحاتِ العلوم والفنون المختلفةِ، وكانَ للمصطلحاتِ اللّغويّةَ نصيبٌ وافرٌ فيه؛ إذ بلغَتِ المصطلحاتُ اللّغويّة ستَّمئةٍ واثنينِ وخمسينَ مصطلحاً في مداخلَ رئيسةٍ، بما يعادل واحداً وعشرين بالمئة من مجموع المصطلحاتِ الّذي بلغ ثلاثةَ آلاف وخمسةً وثلاثينَ مصطلحاً.
وخلاصةُ القولِ: إنّ المادّةَ الاصطلاحيّة الّتي ذُكِرَت في المصنّفات الاصطلاحيّة في التّراثِ العربيّ بشكلٍ عامٍّ، وفي كتاب “كشّاف اصطلاحاتِ الفنونِ والعلومِ” للتّهانويّ بشكلٍ خاصٍّ، يمكنُ أن تشكّلَ مادّةً خصبةً تمدُّ الدّرسَ الاصطلاحيَّ المعاصرَ بما يحتاجُ إليه من مصطلحاتٍ، سواءٌ أكانَ ذلك من خلالِ توظيفِ المصطلحِ القديمِ للدَّلالة على مفهومٍ جديدٍ بطريقِ المجازِ، أم مِن خلال اشتقاقِ مصطلحاتٍ جديدةٍ من المصطلحاتِ القديمة يربطُ بينها خيطٌ دلاليّ طالَ أو قصرَ، ويرى الدّارسُ أن إنشاءَ مدوّنةٍ علميّةٍ تجمعُ المصطلحاتِ اللّغويّةَ الّتي ذُكِرَت في المصنّفات الاصطلاحيّة العامّة يمكنُ أن يوجّهَ إلى الإفادةِ من تراثنا اللّغويّ الاصطلاحيّ بشكلٍ أوسعَ.
رفيدة يونس أحمد