الوحدة : 8-1-2023
حالة من الاستهجان رافقت صدور القرار برفع تسعيرة الأجور على باصات النقل الداخلي، وكذلك رفع تسعيرة السرافيس العاملة على الخطوط ضمن المدينة وخارجها، دون الأخذ بعين الاعتبار الوضع المعيشي الراهن للمواطن على اختلاف مستوياته وتدرجاته الوظيفية والاجتماعية، وكأن الجميع”بنظر صاحب القرار”، يعيش في رغدٍ وبحبوحة، و زيادة 100% على تنقلاته هي مجرد تفاصيل صغيرة، وأمر عَرَضي لايجب التوقف عنده، أو الشكوى من تداعياته !!!!
إن أكثر ما يستحق التوقف عنده في هذا القرار هو شموليته لباصات النقل الداخلي في عموم البلاد، وتصدر الشركة لأعلى نسبة زيادة ب١٠٠% تقريباً، إذ إنه وعلى الرغم من كل الاهتزازات التي تعرض لها القطاع العام، مازال المواطن السوري يؤمن بالدور الأبوي لهذا القطاع، وينظر إليه بعين المنقذ،لسد الفجوات التي فرضتها الحرب، ولعب على أوتارها تجار الأزمات، و عندما تخرج مؤسسات الدولة عن هذا الدور، ستصبح حتماً في صف التاجر الباحث عن الكسب فقط، بحيث لا يعنيه أي اعتبار لجهة فقر الحال، وتآكل دخل المواطن.
وهذا ما ترجمته عملياً شركة النقل الداخلي التي تصدرت مشهد الخروج عن دورها الأبوي خلال الأيام الماضية، ونسفت كل عبارات المديح التي تحدثت عن دورها الفعال أثناء أزمة النقل الحادة، لتساوي نفسها بوسائط النقل الأخرى، وتتحول إلى مايشبه القطاع الخاص، و هذه الحالة لم تُستسغ عند الغالبية، ولم يروا فيها إلا مخالفة صريحة لنسبة الزيادة المفترضة على أجور النقل، وضرباً لدور الشركة المعتاد منذ عقود.
في الشأن ذاته، نلاحظ أن ثمة حلقة مفقودة ما بين المواطن والسائق يجب تداركها لمصلحة الطرفين، إذ إنه وبالانتقال إلى حيثيات القرار بشكله الكامل والشامل لمختلف وسائل النقل، فإننا نقول وببساطة، إن الوزارة المعنية بالتسعير أقرت الزيادة بمقدار ٢٥%، ومع ذلك لم تلتزم لجنة التسعير في محافظة اللاذقية بهذا النص لخطوط سير دون أخرى، فالتسعيرة الصادرة لخطوط اللاذقية وبعض القرى التابعة لها غير منصفة مقارنة بتسعيرة النقل الداخلي أو خطوط السرافيس التي تعمل ضمن المدينة، والتي تتقاضى تسعيرتها لمسافات قليلة وتبدل الركاب عدة مرات على الطريق، وهنا وجب العمل بهذا الخصوص لإصدار تسعيرة منصفة ومرضية للجميع وتصب بمجملها في مصلحة المواطن الذي أثقلت كاهله الزيادات المستمرة بالأسعار في كل تفاصيل الحياة ومنها وأهمها النقل، وفي نفس الوقت تكون منصفة للسائق الذي يخدم قطاع النقل ويلبي حاجة المواطنين، وعندما يتحقق ذلك، يمكننا ردم الفجوة بين الجهتين، وتحقيق الأداء الأمثل في خدمة الوطن والمواطن.
ومن الطبيعي أيضاً أن نعرج على النقطة الأهم التي تنسف كل هذا البحث،فالحلقة المفقودة تتموضع في جيب ذوي الدخل المحدود، الذين تآكلت دخولهم، ووضع رفع أجورهم في ثلاجة الانتظار المرير.
رنا رئيف عمران