الوحدة: 16-11-2022
يختلف تفكير الرجل عن المرأة في الأمور المالية، واقتصاديات البيت، ليكونا فيها وجهين لعملة واحدة تصرف في سراديب الحياة، حيث ظروف المعيشة الصعبة واليد القابضة ليسا في شركات قابضة أو تمويل، وفيهما الكثير من التعتير، وركل الأيام للأمام ليدركا أول الشهر براتب عاجز يدق عنقه تحت مطرقة الأسعار، ولهذا المرأة تتقن وضع الخطط المادية، وتكشف نهجها مع المال والنقود لتحيك (كمبيالات)، وتحسبها بالأمبير والواط والغرام لأجل سيناريوهات بصرية رومنطقية.
نور – موظفة منذ 16سنة -تزوجت منذ 12سنة فقط أي قبل الأزمة بسنة تقريباً، وكان لديها بعض المدخرات التي ساعدت فيها زوجها لبناء البيت وتجهيزه، وجاء ولدها الأول، وما زالت تحتفظ ببعضه ليعيشا السعادة به، لكن عندما بدأت الأسعار بالارتفاع والذهب يحلق اشترت ما اكتنزته لهذه الأيام وكان بقيمة 150ألف ليرة، يومها زوجها وبخها قائلاً ماذا تفعلين؟ رواتبنا لا تكاد تكفي طعامنا ولباسنا؟ ولم تسمع منه أو تأخذ لرأيه.
واليوم تجدها في الرصيد أمامها، فولدها بالمدرسة، ويحتاج للكثير من الدروس الخصوصية، وبعض مفرزات العصر وتكنولوجيته التي أطاحت بالأرباح، ولا تلبس غير من البالة، وكل شيء تصنعه بيدها حتى الشاورما والشيش، وفي المناسبات لا تحرم نفسها وعائلتها من بعض البحبوحة في المشاوير، كما أنه يترتب عليها زيارة الأهل والأبوين اللذين يتطلبان من الزوجين بعض الاهتمام ،وحمل ثقل أمراضهما. فهي دائماً مستعدة للمواجهة في حلبات الحياة وليست قاصرة، وتفتح لجميع ظروفها رصيداً وحساباً، ولا يمكن أن تنسى أنها يوماً ستتقاعد لكنه لن يكون إلا بعد فترة طويلة لتأخذ الراتب التقاعدي الكامل،كما تنصحها تجارب الحياة، وليس خبراء الاقتصاد (كل واحد بيتعلم من كيسه) واليوم ورغم الشدة التي نعيشها من قهر وظلم الحياة وارتفاع الأسعار الجنوني، تحاول ستر الحال، وتأتي بالخضار من السوق لتقطعها وتصنع منها المونة لزميلاتها في الوظيفة اللواتي يعشن ببحبوحة، ويسر فتنفرج حالها بعمل إضافي, ولا تتردد أن تأخذ من جارها السمان ما بقي عنده من الخضار في المساء بسعر منخفض، فيكون لها بعض الرصيد في توفير وجبات الغداء لعائلتها في اليوم الثاني لترمم انكسارات تصدع المعاش, حيث أصبحت الدنيا (يوم لك وباقي أيام الشهر عليك).
هدى سلوم