الوحدة : 13-11-2022
استوائيات وقزميات زراعات غريبة جاءت من الطرف الآخر للمناطق الاستوائية الواسعة، الفاكهة الاستوائية هي الضيف المجهول الذي أخذ يسيطر على وجدان بعض المزارعين، البداية كانت عبر دخول خجول للكيوي والتي أخذت تتمدّد باضطراد، نجحت عرائشها عند الكثيرين، فبرعوا بالعناية بها من حيث الجودة، وأصبح لها مكان مهم في عالم الأسواق المحلية عبر أسعار مقبولة تتماشى والوضع العام، ومنذ عدّة سنين قرّر الكثير من هواة تلك الزراعات تطوير أنواع أخرى وأشكال مختلفة، وبالتالي ظهور أنواع جديدة منها كالمانغو والشوكولا والعنب الصيني والقشطة وغيرهم، وأخذت ثمار هذه الفاكهة تغزو الأسواق من دون استئذان بأسعار خاصّة يمكن للكثيرين التمتّع بشكلها (فقط)، كما حجزت لنفسها مشاتل ومزارع خاصّة في عدّة مناطق، وبدأ المهتمون بشراء شتولها وتزيين حقولهم وبساتينهم بأنواعها والتباهي بطولها الفارع وشكلها الغريب، وتفرّد البعض بإنشاء بيوت ومحميات ضمّت أنواعاً عديدة منها، وقد سبق هذه البِدع تجربة زراعة الموز البلدي بمساحات كبيرة لاقت نجاحاً مميّزاً، ثمارها الصغيرة رافقت فاكهتنا المحلية بشكل طبيعي، لكن ضعف الإنتاج ومسيرة حياة ثمرتها حدّت بشكل كبير من اتساع رقعتها، واكتفى لبنان الجار بإنتاجها الجيّد عبر أراضي الجنوب الخصيب ..
فهل مزاولو الزراعات الاستوائية على دراية بماهية هذه الفاكهة على المدى الطويل؟! وهل الجدوى الاقتصادية منها تناسب الوضع العام للجمهور العريض صاحب التفاح والبرتقال ابن بيئتنا الدائم؟ وهل تبنّت وزارة الزراعة والإصلاح الزراعي تلك الزراعات؟ أم أنها تكتفي بالنظر إلى تجارب الآخرين، فلو كان الأمر مجدياً لعملت الوزارة على تشجيعها وخصّصت لها حيزاً من الاهتمام والرعاية والإعلان، مع العلم أنها (وزارة الزراعة) لم تتبن زراعة الزيتون القزمي الضيف الآخر، واكتفت بتشجيع ورعاية الزيتون المحلّي ذي الجدوى الاقتصادية الهامّة .. فهوّن عليك أيها المزارع المُغامر الباحث عن مصادر العيش بكل السُبل، لا تقف على جبهات أخرى، فعند أصحاب الحمضيات والتفاح الكثير من العِبر، ولتكن تلك الأشجار الاستوائية زينة للمنازل والأسوار فقط، فظلّها كفيل بجلسات جميلة لتنقية الأحاسيس والتفكير المناسب.
سليمان حسين