الوحدة : 11-11-2022
الحكاية ليست جديدة، فالقصة تتكرر كل يوم، كتب حولها الكثيرون، وشاهدنا نماذج منها في أفلام ومسلسلات عربية عديدة تعالج هذه المشكلة الاجتماعية، وهي قصة الزوجة التي تشكو قسوة زوجها عليها بعد مرور سنوات طويلة من العشرة المشتركة، من خلال ممارسة العنف والتسلط ، وتعمده إهانتها أمام أولادها وأمام أهلها وجيرانها، وكأنه مع مرور الزمن يفقد احترامه لها، وينظر إليها كما ينظر إلى الفرس عندما تكبر أو تمرض حيث يتوجب إعدامها. كما تقدم تلك المسلسلات أو الأفلام المرأة اللعوب الاستغلالية التي تريد أن تأخذ كل شيء من الرجل وخاصة أمواله، والذي يتناسى تقدمه في العمر، وحاجته إلى الهدوء والحنان ، والأمران لا يأتيان إلا من خلال الرحمة، مؤلفو المسلسلات والأفلام الذين يطرحون هذه المشكلة يبشرون الزوجة الأولى بأن الزوج في النهاية يكتشف خطأه بعد أن يخسر أمواله وصحته، ويرجع نادماً إلى زوجته القديمة حاملاً حسرته وحزنه من خيانة أو استغلال الزوجة الجديدة الانتهازية ، إلا أن هذه الأعمال الدرامية لا تنسحب على الحياة الحقيقية كلها ، فالقصة ليست قصة الزوجة المغلوبة على أمرها، ولا سوء معاملة الزوج لزوجته فقط بل هي قصة نكران الجميل، قصة الزوجة الشابة التي تتزوج وهي في ريعان الشباب والجمال وتقف إلى جانب زوجها وتتنازل عن الكثير من حقوقها لكي تساعده في خطواته الأولى على طريق مشوار حياته وتسانده بكل ما تستطيع من إمكانات وتربي الأولاد ، حتى يصل إلى أعلى الدرجات والمناصب وعندما يصل إلى هدفه وأحلامه يتبدل إحساسه تجاهها فينكر معروفها ومساندتها له في كفاحه، ويشعرها بعدم فائدتها، وكأنه تزوجها لمصلحة مؤقتة، وانتهت مدة خدمتها، ويرغب في التخلص منها ، وبالتالي يغير أسلوب تعامله معها وتبدأ الإهانات والنقد لكل شيء تقوم به ولا يرضى عن أي شيء تفعله من أجله، فما كان يعجبه سابقاً يصبح ناقصاً وسيئاً ، والمبررات جاهزة وكأنه يرغب في أن يغير كل حياته، ويبدأ من حيث توقف ليبحث عن حياة أخرى، وهذه التصرفات تدل على أنه رجل لا يحترم نفسه ، فهو ينكر المعروف والعشرة والجميل ، وهي قد تتفوق على أحاسيس الحب، إذ تعبر عن ذلك المشوار الطويل من الكفاح والاحترام لواقع موجود بالفعل، إن الكلمة الطيبة تفعل ما يعجز عنه علاج الأطباء ، وتزيل التراب المتراكم مع السنين ، وإن البسمة تكون سبباً في تغيير أسلوب حياة بكاملها ، فبدلاً من السخط والنكد والإهانات يمكن للزوج أن يجرب الرحمة والحنان ، ليكتشف ندى الحب الذي تكنه له زوجته واستعدادها لكي تضحي بكل شيء من أجله وليس من العيب أن يعامل زوجته ليس كونها امرأة ، بل شريك كفاح له حقوق وأحاسيس…. وعليه أن يتذكر أن المرأة ليست زوجة فقط بل أم وأخت وابنة وإذا كان لا يرضى لهن سوء المعاملة فكيف يقبلها لزوجته ؟
لمي معروف