أســـــــاطير الزمــــان..

العدد: 9334

15-4-2019

 

 

وحدهم رجال الجيش العربي السوري أساطير هذا الزمان وهم الذين علَّمونا وعلموا أبناءنا أن لا حب يعلو على حب الوطن أو حتى يرقى لمستواه، وحدهم الذين ترجموا القول إلى فعلٍ، وخلقوا الحياة من جديد في يباس قلوبنا، وأعادوا الثقة إلى أرواحنا بأن الحق لا بد أن ينتصر، فأعطوا بلا حدود، بلا ثمن، بلا تردد وقدموا لمنعة الوطن من أرواحهم، وأجسادهم وعبق دمائهم.

ومحطتنا اليوم مع الجريح البطل حسين علي خزامي وهو من هؤلاء الشجعان الذي حمل روحه على كفه قائلاً: كل غالٍ يرخص أمام سلامة الوطن، ولم تردعه إصاباته المتعددة عن متابعة المسير والتقدم مع رفاقه في كافة الجبهات التي قاتل بها.. حتى سقط في الإصابة الثالثة غير قادر على الحراك وقد كانت معنوياته دائماً عالية وإرادته كبيرة، الصعاب لم تنل من عزيمته ورفاقه، بل زادتهم إصراراً على متابعة النصر الذي لاحت تباشيره من حلب إلى دير الزور إلى درعا والقنيطرة حتى تطهير كامل الأرض السورية من رجس الإرهاب.
البطل حسين من مواليد 1984 من قرية شامية المهالبة طُلب للخدمة الاحتياطية في بداية العام 2013 فلبّى النداء مباشرة وتنقل في أغلب المدن السورية التي عانت من الإرهاب فشهدت له ساحات القتال من درعا إلى إدلب وحمص وريف دمشق والقنيطرة فقد كان من عشاق الصفوف الأولى وكان يحب دائماً أن يكون الأول في الاقتحام، يتزين بالقوة والشجاعة والبسالة.
أما إصابته البليغة فقد كانت في مسحرة في القنيطرة وهو يشارك بعملية اقتحام لتحرير الأراضي من الإرهابيين حيث أصيب بشظايا قذيفة صاروخية سقطت في مكان وجوده في 16/7/2018.
ويصف حسين لنا لحظة الإصابة كيف طار في الجو أكثر من عشرة أمتار وعاد واصطدم بالأرض، وقد خرجت أمعاؤه من بطنه، وقد حارب جاهداً ألا يفقد الوعي في بداية الإصابة فهم في منطقة مقطوعة ومحاصرة بالإرهابيين وبعيدة عن الناس حيث قام زملاؤه بإسعافه حملاً على الأكتاف لمسافة 5 كم ليصل لأول سيارة أسعفته إلى مشفى أباظة بالقنيطرة مستغرقاً أكثر من ساعتين من الألم والوجع والنزيف الحاد.
ويروي البطل حسين كيف قال الأطباء فور وصوله إلى المشفى لزملائه بأنه استشهد ووجهوا بأن يضعوا الجثمان في البراد ريثما يأتي أحداً من أهله ويستلم جثمانه وكيف أصر زملاؤه على الأطباء بفحصه وبأنه ما زال حياً يرزق وعليهم القيام بإسعافه فوراً، فاستجاب أحد الأطباء وأدخلني غرفة العمليات، وقد استغرقت العملية الأولى أكثر من خمس ساعات تمّ خلالها فتح البطن بالكامل وإزالة الشظايا الكبيرة العالقة في البطن، ووصل الأمعاء المتقطعة ومن بعدها تمّ تحويله إلى مشفى الـ601 حيث خضع لعملية ثانية فيه لمعالجة الأذى الحاصل في المعدة والبنكرياس والكولون ويتابع حسين حديثه: بقيت أتعالج في المشفى لأكثر من شهر حتى قام أهلي بنقلي إلى المشفى العسكري باللاذقية ومن ثم تابعت العلاج على حسابي الشخصي موجهاً كل الشكر للدكتورة رنا مسوح والدكتور حسان ناصر على إنسانيتهما واهتمامهما بوضعي وحرصهما على ضمان شفائي بالسرعة القصوى،
حيث كان من المقرر لي أن أجري كل يومين تحاليل طبية كاملة لمعرفة نسبة الالتهاب والتسمم في الجسم نتيجة القذيفة اللعينة، وما زلت إلى الآن أحتاج إلى عملية أخرى في البطن ولكن وضعي الصحي لا يحتمل إجراؤها الآن.
وبالإضافة إلى أني فقدت السمع إثر الإصابة بأذنيّ الاثنتين، ويؤكد حسين وذووه أنه وخلال عرضه على لجنة الفحص أعطوه نسبة عجز 35% فقط لأنه لا يعرف أحداً في اللجنة وأنه سرح بموجب قرار السيد الرئيس على نسبة العجز 35% مؤكداً بأنه تعرض لظلم كبير من قبل اللجنة الفاحصة حيث كان على أقل تقدير يستحق نسبة عجز 50% كما أخبره كل الأطباء الذين راجعهم، ولذلك قام بتقديم الاعتراض على قرار اللجنة ولكن لم يصله أي رد وسُرح من خدمته دون راتب علماً أنه غير موظف ولا يملك بيتاً أو أي باب آخر للرزق، ولا يستطيع أن يقوم بأي عمل شاق أو حتى حمل وزن 5 كغ، مؤكداً بأن كل ما أخذه هو تعويض إصابة قدره 175 ألف ليرة ويتمنى حسين أن يمنح فرصة وظيفة ثابتة تناسب وضعه وحالاته الصحية وتقيه شر الحاجة وليخفف بعض العبء عن أهله الذين فعلوا كل ما بوسعهم وقدموا كل ما يملكون لعلاجه الذي كلفهم مع الأدوية والتحاليل ما يقارب المليون ونصف المليون ليرة سورية.
هذه قصة إصابة بطل من أبطالنا الميامين الذي أحب وأخلص وما زال يتمنى لو يستطيع حمل السلاح من جديد لطرد آخر إرهابي من سورية الحبيبة.

سناء ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار