الوحدة: 13- 10- 2022
بمناسبة الذكرى السنوية لتكريم الشاعر الإيراني الشهير” حافظ الشيرازي” أقام المركز الثقافي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيراني في اللاذقية و بالتعاون مع كلية الآداب و العلوم الإنسانية في جامعة تشرين ندوة ثقافية بعنوان:
” حافظ الشيرازي … شعاع النور العرفاني من إيران إلى العالم “, وذلك في قاعة المؤتمرات بكلية الآداب – جامعة تشرين.
في مادتنا الآتية نسلط الضوء على أهم ما جاء في الندوة, والبداية مع كلمة مدير المركز :
* الأستاذ: ” عليرضا فدوي “/ الملحق الثقافي لسفارة الجمهورية الإسلامية الإيرانية في اللاذقية/ الذي قال : اجتماعنا أيها الأحبة في هذا الحرم الأكاديمي الكبير هو للاحتفاء بواحد من أعظم الشعراء الإيرانيين على الإطلاق, ألا وهو شاعر الحكمة و العرفان و الغزل ” حافظ الشيرازي ” الملقب بـ ( لسان الغيب و ترجمان الأسرار) ,هذه الشخصية العالمية التي تعد مدرسة مستقلة في مجالات الغزل العرفاني , و الذي ترجمت أشعاره إلى معظم لغات العالم, و كان له أكبر الأثر في كبار الشعراء و الأدباء العالميين. هو شمس الدين محمد بن بهاء الدين محمد الشيرازي , من الشعراء الفرس الذين عاشوا في القرن الثامن الهجري. درس علوم الدين و الأدب , و حضر مجالس العلماء في شيراز, وغلب على اسمه لقب ( حافظ ) لحفظه القرآن الكريم مبكراً . كما عرف أيضاً بلقب ( عمدة العارفين ) و ( سلطان الشعراء). اشتهر بديوان غزلياته الذي ضم خلاصة فكره وتجربته الروحية , وكان من أهم خصائص شعره تأثره بـ القرآن الكريم , و استخدامه لتعابير و لرموز خاصة يقصد بها المعنى العرفاني وليس المعنى الظاهري, و شعره مزيج من معاني العشق الإلهي و الحب و العفو و الرحمة , وهو مليء بالمضامين الاجتماعية التي فيها من العبر و الدروس التي يستفيد منها الإنسان في حياته, كما ألهمت قصائده عبر التاريخ النخب الأدبية داخل إيران وخارجها, وترجمت دواوينه إلى لغات عدة , واختاره”غوته” مرشداً ومعلماً, الجدير بالذكر : أن حافظ الشيرازي كان قد أتقن اللغة العربية إتقاناً فاق كل من كتبوا شعراً بها من شعراء الفارسية, و ذلك جلي في شعره العربي الرقيق الجميل.
* الدكتور: عدنان أحمد / رئيس قسم اللغة العربية/
وقد حملت كلمة د. عدنان أحمد عنوان :” الشيرازي بين العرفان المجون” إذ يحاول البحث أن يبين أن ” الشيرازي” كان عرفانياً و لم يكن ماجناً, وأنه حاول أن يكشف بشعره عن زيف في الثقافة الدينية كان له أثر كبير في تمكن المغول من اجتياح الحواضر الإسلامية . و هو – البحث – يقدم شواهد من أشعار ” الشيرازي ” يثبت من خلالها : أن ما قد نجده في هذه الأشعار من أحاديث و صور توحي بالمجون يجب أن تفهم في ضوء الإشارات الإيمانية التي تتضمنها , وفي ضوء ما عرف عنه من جدية وورع وتدين , إذ أنه حفظ القرآن الكريم قبل أن ينهي العقد الثاني من عمره , وتزوّد بثقافة دينية وأدبية بلغ فيها شهرة واسعة وهذا كله وغيره من شأنه أن يدفع عنه تهمة المجون والميل إليه . كان “الشيرازي” يرى أن الفهم غير الصحيح للدين يمهد لحياة كالحة تضعف تماسك المجتمع , وأن الفهم الصحيح يجعل الحياة مضيئة ممتلئة أملاً وبشرى ومحبة، وعندئذ يسود التسامح وتكون الطمأنينة ويكون السرور , ولذلك يمكن أن نسمع في أشعاره صوته الواضح وهو يدعو إلى المحبة وإلى الفهم الصحيح للقيم الدينية وغاياتها.
وقد لجأت فيكتوريا ملكة بريطانيا إلى كتاباته بوصفها مرشداً روحياً وأعلن “غوته”: أنه ما من أحد مثل الشيرازي.
* الدكتور: يعرب خضر : مداخلة د. يعرب كانت بعنوان : ” سردية الحياة والفن والعشق في شعر حافظ الشيرازي”
قال فيها: كتب “الشيرازي” القصائد التي تجمع بين أشطر أبياتها الفارسية والعربية، وتأثر بالصناعة الشعرية العربية والبلاغة والفصاحة العربيتين، وهو أحد قراء العربية الكبار.
(العشق والعاشق والمعشوق) ترنيمة مثلثة الأضلاع تختصر نفسه الشعري، وعمق تجربته الروحية والجسدية والفكرية والوجدانية، تلك التجربة الحميمة القريبة من الحياة في تفاصيلها المدهشة والمفتوحة على السماء وبسلم الغيب . شعره حمّال أوجه مقروء من الجهات الأربع، أو الألف للمعنى , صانع دلالة , ماهر في عمله يشتبك المألوف مع العجيب، والغريب مع العجائبي.
ويدمج بين الأبدي والزائل , بين الروحاني والحسي دمجاً ساحراً لا يمكن الفصل بينهما . وهو كما قيل عنه: شاعر أليف البيان يأنس إلى المجاز، بارع في نسج صور غزلياته مع الإيقاعات المرهفة والحالات والمواقف.
نفحته الشعرية تتنفس في فضاء اليومي والحياتي وهي تأخذ شكل الحكمة، والدعوة إلى الحب ومعانقة الحياة ولأنها كذلك فهي مفتوحة أيضاً على القراءة المنتجة والترجمة , و إعادة الإنتاج.
* الدكتورة: “ميرفت سلمان” : ترجمت د. ميرفت مداخلة مشاركة الدكتور : ” عليرضا حاجيان نزاد” /عضو هيئة تدريسية في قسم اللغة الفارسية في جامعة طهران/ وألقتها نيابة عنه حيث قالت تحت عنوان: ” إضاءات في شعر حافظ الشيرازي”: هناك اختلاف كبير حول “حافظ الشيرازي” إذ ذهبت طائفة إلى أنه شاعر مرتبط ارتباطاً كاملاً بالعالم المادي الدنيوي، وشعره بعيد عن المعاني العرفانية السامية، وهذه الطائفة تشكل حقيقة قلة قليلة أما الطائفة الأخرى فقد ذهبت إلى أن “الشيرازي” ينطق بلسان الغيب، من جهة أخرى يمكن القول: إنه قلما نجد شاعراً إيرانياً قد وظف الميراث الأدبي لمن سبقه من الشعراء والميراث الثقافي والديني مثلما فعل حافظ، أيضاً استخدامه للمسائل الكلامية المطروحة في عصره وتوظيفها في شعره كنظرية: الجزأ الذي لا يتجزأ , أو الجوهر الفرد الذي هو الوحدة الأساسية في بناء الأشياء. وهذا خلاف ما قاله عامة الفلاسفة: من أن التجزئة ممكنة إلى ما لانهاية له من الأجزاء وقد وظّف “الشيرازي” الكثير من المسائل العلمية و النظرية الكلامية في شعره وصاغها في قالب شعري يفيض عذوبة ويظهر قدرة فنية لا مثيل لها.
رفيدة يونس أحمد