جلســت والخــوف بعينيها.. تتأمــل فنجــاني المقلــوب

 العدد: 9274

الاثنين 2019/1/21
الكاتبة: ندى كمال سلوم

 

تطالعنا يومياً ظاهرة لا شك أنها ليست منطقية في ظل التطور العلمي والتكنولوجي والحضاري على كافة الأصعدة الثقافية والاجتماعية والاقتصادية… إنها ظاهرة (قراءة الفنجان) التي تعتمد في كثير من تفاصيلها وجزئياتها على عوامل التخلف والجهل التي تعاني منها بعض شرائحنا الاجتماعية ولا نخالف شيئاً من الحقيقة إن قلنا: إن هذه الظاهرة إن لم تتعدَ حدود التسلية الاجتماعية فلا بأس بها كضرب من ضروب التسالي الموجودة بكثرة في مجتمعنا ولكن أن تصبح هاجساً متكرراً يومياً وفي كافة أوقات النهار وأن يتم التخصص بها فهذا أمر لا يقبله العقل ولا المنطق… واللافت للنظر أن هذه الظاهرة – ومنذ زمن بعيد- تكثر في المجتمع الأنثوي وفي الحقيقة لا يمكن أن ننكر أن قسماً كبيراً من النماذج الاجتماعية يجد فيها ملاذاً وخلاصاً من حالة وجدانية معينة يعيشها بهدف معرفة ما يحمله المستقبل…
تساؤلات كثيرة ومتعددة طرحناها على أشخاص خاضوا التجربة بكل همومها وتفاصيلها وإجابات وتبريرات متنوعة ومتباينة نجدها في استطلاعنا التالي محاولين جاهدين معالجة هذه الظاهرة التي أصبحت دارجة في الأوساط الاجتماعية والتي تعكس طبع الإنسان الفضولي للاطلاع على الغيبيات..
التقيتها في مجلس إحدى النسوة اللواتي كن يتجمعن حولها بطريقة جنونية وكل منهن تنتظر دورها بفارغ الصبر وكأن تقرير مصيرهن متعلق بكلمة من هذه السيدة فهي تقرأ الفنجان بطريقة جذابة وأسلوب شيّق يبعث على الاستمرارية والإصغاء للنهاية…
وبين الموجودات لمحت فتاة يبدو أنها صغيرة وساذجة حدثتني عن ظروفها التي دفعتها إلى ذلك وتمنت لو لم تدخل هذا العالم الغريب حيث قالت: في كل مرة كنت أذهب بها إلى (قارئة الفنجان) كانت تطلب مني مالاً وقد عرفت من خلال سردي لحكايتي كل ما يتعلق بحياتي وأصبحت ترسم وتخطط لي ما يجب على أن أفعله وما لا يجب حتى انقلبت حياتي رأساً على عقب… أما الآنسة دعد وهي طالبة جامعية فقد أبدت رأيها في هذا الموضوع قائلةً: رغم أنه كان ينتابني في بعض الأحيان الفضول لما يمكن أن تكشفه لي ( قارئة الفنجان) من أمور لا أعرفها إلا أني لم أفسح المجال لهذا الموضوع فأنا لا أؤمن بذلك لأني أمتلك القدرة على رسم مستقبلي فهو يخصني وحدي من خلال العلم الذي ينير لي دربي ويبعدني عن هذه (الثرثرات) التي ليس فيها سوى قصص وأحاديث غير مقنعة تتفوه بها إنسانة حفظت بعض الجمل لتؤثر بها على عقول من يستمع إليها ولا يمكنني بأي حال من الأحوال أن ألومها بل أضع اللوم كله على من يفسح المجال لها عبر إصغائهم لحديثها.. أما السيدة ليلى وهي ربة منزل وخريجة معهد شاركت في هذا الموضوع قائلةً: للأسف ما تزال بعض النسوة تصدق هذه الأحاديث للكشف عن الخبايا والمجهول متناسيات أن لا أحد يمكنه أن يعرف ماذا تخبئ له الأيام ولو أن أحداً يعلم مستقبلاً ما سيحدث لاختلفت خارطة العالم بأكملها… خربشات وخطوط متشكلة في زوايا فنجان قهوة هي التي تحدد المصير والمستقبل.. أين المنطق العلمي في ذلك ؟ ومَنْ وضع القدرة في شخص ليحدد خفايا ومكنونات النفس البشرية التي لا يعلم مصيرها إلا من خلق هذا الكون الرحب الواسع.

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار