كــلام فــــي الكــرة .. الحكاية قديمة .. ووجعنا الكروي عمره عقود

العدد: 9274

الاثنين 2019/1/21
الكاتب: غيث حسن

يسأل شاب في مقتبل العمر والده: لماذا أنت حزين على خروجنا من بطولة آسيا أكثر مني ومن كل أصدقائي؟ . . . يستغرب الشاب من الهم الذي ركب والده والحسرة التي لم تفارقه منذ إعلان فشلنا في البطولة، ويلح على معرفة سبب تلك الدمعة المكسورة في عين والده ،وكأنه فقد عزيزاً.
قرر الأب أن يبوح لابنه بما يختلج في صدره، وربما أجبره ذاك الإلحاح على نفث همومه وإيقاف سيل الأسئلة.
قال: يا بني هذه الغصة ليست وليدة اللحظة، وليست لأننا خرجنا من بطولة كنت أعرف سلفاً بأنها لن تكون من نصيبنا، فنحن لم نصل بعد إلى مرحلة نستطيع فيها أن نحسم مواجهاتنا مع كبار القارة.
بدأت الحكاية يا ولدي في عام 1987 عندما توج منتخبنا ببطولة المتوسط على حساب فرنسا الأوروبية التي كانت تعني لنا ميشيل بلاتيني، وكنا نسأل أين هو؟ لماذا لم يشارك ويرى ما سيفعله به دفاع منتخبنا؟.. كنا صغاراً ولا نعرف الحقائق، فظننا بأن البرازيل غير قادرة على الوقوف في وجهنا، قبل أن نسمع بعد عشرين سنة من نزار وته (حكم دولي سابق) بأن البطولة لم تكن نزيهة بل حصلنا عليها بطريقة مواربة.
بعدها يا بني كدنا أن نتوج بكأس العرب عندما تجاوزنا مصر العظيمة في نصف نهائي البطولة قبل أن نهزم أمام العراق في النهائي، وهنا كانت الصورة قد اكتملت بالنسبة لنا تحت عنوان المنتخب الذي لا يهزم إلا بالصدفة، لتكر بعدها سبحة الخيبات والصدمات والحسرات، ولتستمر لسنوات لم تشهد لنا حضوراً إلا عبر منتخبات الشباب، وما أدراك ما منتخبات الشباب؟؟؟؟ . . تزوير بتزوير، وضحك على اللحى من قبل القائمين على كرة القدم، فهؤلاء من ذاك العصر لم يدركوا أنهم يدقون مساميراً في نعش الكرة السورية، ويدمرون أجيالاً متعاقبة لأجل أن يستمروا في مواقعهم عبر بطولة مزورة تسجل باسمهم.
إن الخيبة هرمت في صدورنا يا ولدي ولم يحاول أحد تخليصنا منها، فالسلطة الرياضية هي ذاتها لم تتغير، وإن تغيرت الأسماء تبقى العقلية على حالها، ورئيس أي مفصل رياضي يعتبره مزرعة موروثة عن الآباء والأجداد، ولن يُسمح لأحد بالاقتراب منها، وخاصة من يملكون القدرة على الإبداع، لأنهم سيفضحونهم، ويزيلون أسباب بقائهم.
لقد خسرنا يا ولدي في كل الاستحقاقات رغم أننا امتلكنا أدوات النجاح ومرت علينا أجيال ليست أقل شأناً من هذا الجيل الذي أفسده التناحر والبغضاء، ورغم أننا نعرف بأن الأمور لن تتغير بين ليلة وضحاها إلا أننا اعتقدنا بأن روح المقاتل السوري وتضحياته العظيمة قد تنعكس على لاعبي منتخبنا، واعتقدنا أيضاً أن مشهد الجندي السوري وهو يضحي بروحه لأجل سحب جثمان رفيقه من أرض المعركة قد يؤثر في كل مفاصل العمل ومنها كرة القدم، ولكننا اليوم نعترف بأننا شاركنا في صنع الخيبة عندما وضعنا ثقتنا بصبيان لم يفطموا بعد، ولم يعرفوا قيمة مشاعر شعبهم ومدى حاجتهم للفرح في زمن الأحزان.
يا بني لقد تهكمنا في يوم ما على فجر إبراهيم عندما قال بأننا بعيدون جداً عن اليابان، إلا أن كلامه كان صحيحاً، فنحن بعيدون عن اليابان وغيرها بكرة القدم، وبالأخلاق، وبالتربية، فهل سألت نفسك يا بني كيف لنا أن نسود على هؤلاء ونحن نذبح بعضنا لأجل قطعة قماش بالية؟، وهل سألت نفسك كيف لنا أن نصل إلى المجد ونحن نتآمر على بعضنا ونكيد لإخوتنا لأجل زعامة فانية لن يُخلد صاحبها؟، وهل أدركت الآن لما أنا حزين أكثر منك ومن رفاقك؟ . . انتهى.

 

 

تصفح المزيد..
آخر الأخبار