الموسيقى تحيي الإنسان وتعيد صياغة مشاعره

الوحدة:7-8-2022

النوتة الموسيقية تحوي لحناً واحداً، لكنه يعزف بآلات مختلفة، ومع أن كل الآلات تعزف نفس المقطوعة، إلا أنه لكل آلة موسيقاها الخاصة بها، ومذاقها الذي تميزه الأذن فتطرب له، أو تنفر منه.

فالمسألة، هنا مسألة ذوق أشبه بأطباق الحلوى التي يحب كل واحد منا نوعاً مختلفاً منها، غير أنها في النهاية، الحلوى ذاتها و  مصنوعة بالمواد نفسها مع اختلاف المقادير وطريقة الإعداد ليس إلا.

وبين الحلوى والموسيقا علاقة غريبة، فكلتاهما تتذوقان، ولكن بحاسة مختلفة عن الأخرى، وكلتاهما تهيجان المشاعر بالطعم الحلو، غير أن الطريق يختلف بعد ذلك.

فالحلوى تذهب إلى المعدة، أما الموسيقى فإنها تتجه إلى القلب مباشرةََ وتدخل من دون استئذان، وتذوب في المشاعر بدل أن تذوب مع أنزيمات المعدة، وتتحول إلى سحر بدل أن تتحول إلى سعرات حرارية ربما تضر بالصحة، وبينما تتلف الحلوى الأسنان فإن الموسيقى تحيي الإنسان وتعيد صياغة مشاعره وأحاسيسه ووجدانه.

ويظن من لا خبرة لهم في الموسيقى أن كل مافي الأمر هو أن تمسك بالعصا وتبدأ في تحريكها يميناً وشمالاً، وسيتولى العازفون تفسير الحركات العشوائية.

فإن كان العازف ماهراً فسوف يقدم أيضاً موسيقى عشوائية، وعندها لا ضمانة أن تطرب الجمهور.

والاختيار الحقيقي هو عندما يتولى من يحمل العصا أخذ آلة ما، ويبدأ في العزف عليها، فإن كان موهوباً سيتمايل الحضور ويطربون، أما إذا كان مبتدئاً أو لا علاقة له بالأمر ، فإن رضا الناس غاية لا تدرك فالعيب إذاً ليس في الآلات.

كما أن الحل لإنتاج موسيقى جيدة ليس في الآلات أيضاً، ولكن بمن يضع اللحن، ثم يتمرن عليه ويعالج عيوبه ويستبعد النغمات النشاز منه ، ليظهر بعدها نغماً حالماً يطرب القلوب قبل الآذان، والعلة في المكان الذي لاينتج موسيقى جيدة ويُهمل الموهوبون من العازفين لأسباب كثيرة بعضها غير منطقي، وبعضها خاضع لاعتبارات آخر بمافيها الموهبة والكفاءة فكانت النتيجة إضاعة وقت الجمهور ، وحرمان الموهوبين من إيصال مواهبهم الموسيقية إلى المستمعين، وإعطاء الفرص الذهبية لأصحاب الأصابع الخشبية.

ومع قناعتي أننا يوماً ما سنسمع موسيقى جيدة من الاوركسترا قليلة المواهب بعد أن تمضي عدة سنوات في التدرب على العزف، إلا أننا لو أنصفنا العازفين الجيدين منذ البداية لوفرنا عليهم الإحباط الذي يتعرضون له ، ووفرنا على أنفسنا الوقت المهدور ولكن حتى تأتي اللحظات السعيدة علينا

الانتظار.

 

لمي معروف

تصفح المزيد..
آخر الأخبار