جهينة مبيض…لأنّها كفيفة، حرمتْها الجامعة أنْ تكون مُعيدة، وطار حلمُ الدكتوراه

الوحدة 2-7-2022

الله وهبنا 4 حواس، وهذه نِعمٌ عظيمة، أمّا البصر فنعوّضه باتقاد البصيرة، التي لمن يعرف هذه الحاسة العظيمة، فهي تتجاوز البصر نحو عوالم أوسع وأرحب..
وثمّة أسماء كثيرة أدهشتنا بقوة بصيرتها وإرادتِها فأبدعت في الأدب والفن والسياسة، طه حسين، سيد مكاوي، عمار الشريعي، والشاعر بشار بن برد، ورهينُ المحبسين/ أبو العلاء المعرّي..
تقول جهينة مبيض: منذ صغري أكد الأطباء أنني أعاني من ضغط في العينين يؤثر على العصب ونتيجته الحتمية كفّ البصر بشكل نهائي. نحن أربع شقيقات وإحدى شقيقاتي شاركتني الحالة نفسَها
أما عن البداية، فتتذكر:
كنتُ بعمر الست سنوات حين عشت طقوس الغربة، بعيداً عن أهلي وسريري وأخواتي
دمشق استضافتني، مع غيري ممن عاش حالة العتمة، من محافظات أخرى.
في مدرسة المكفوفين هناك درستُ المرحلتين الابتدائية والإعدادية، ثم عدت بعمر ال 15 إلى اللاذقية، وتابعتُ المرحلة الثانوية بمدرسة الكرامة، أحببتُ اللغة العربية وهذا ما دفعني لمتابعة هذا الفرع بجامعة تشرين، التي تخرّجتُ منها، وكانتْ رغبتي الحصولُ على الدكتوراه، لكني اصطدمت بعدم اقتناعهم بأنْ أكون معيدة، أعطي العلمَ للطلبة المستجدين، مما حرمني هذه الأمنية، وسبّبتْ لي جرحاً يصعبُ التئامُه..
وحالياً أقوم بالتدريس في مدرسة الحرية، إضافة للتدريس في جمعية المكفوفين.
أحببتُ الموسيقا، وتعلمت العزف على الأورغ، (نوتة)، وترافقني أغنيات أم كلثوم وفيروز وعبد الحليم. (الموسيقا غذاءٌ روحي، وهي حياةٌ أخرى لي) ، كذلك أتابع دروساً في اللياقة والمرونة، ضمن نادٍ، وأمارس هواية السباحة..
وأحملُ وساماً من الأمانة السورية للتنمية، تكريماً على الأعمال الإنسانية.
أحبُّ المطالعة، ووجود اليوتيوب والكتب الإلكترونية الصوتية أغنتْ عندي هذا الشغف لقراءة الكثير من العناوين، في الرواية الشعر وعلم النفس والمجتمع والسِيَر الذاتية..
كذلك وسائل التواصل الاجتماعي، ومِيزةُ الموبايلات التي تقرأ الصفحات المكتوبة، جعلتني أعيش هذا التواصل، دون أدنى صعوبة، وبعيداً عن اللغة التي تعلّمتُها في مدرسة المكفوفين (لغة برايل).
وهنا أقول، بكلّ امتنان: كم أنّ هؤلاء المخترعين عظماء، ويستحقون كلَّ تقدير لما قدّموه ويقدمونه للبشرية ..
لقد تصالحت مع هذا الوضع، وتأقلمتُ مع حالتي، وبَرمجْتُ حياتي على أنني (كفيفة)، وهذه حقيقة، لكن أتمنّى من المجتمع أنْ يُعاملنا كأفراد طبيعيين، لأنّ نظرةَ الشفقة تَجرحنا، كذلك أنْ يهتمّوا باحتياجاتِنا، مثلاً هناك عددٌ كبير من الأطفال واليافعين المكفوفين باللاذقية، ويحتاجون لمعهد داخلي أو خارجي، وهذا حقهم، وقد طالبتْ جمعيةُ المكفوفين مراراً وتكراراً بمعهد، ووصلوا للوزارة المعنية، لكن دون ردّ.. كذلك تأمين وظائف للمكفوفين، انطلاقاً من القانون الذي يتيح ل 4 % من المكفوفين وذوي الهمم بأنْ ينالوا حقَّ التوظيف.
وتختم حديثها:أتمنّى أنْ أحقق حلماً، لطالما راودني، وهو إنجاز أعمال أدبية، ترى النور، في الرواية، والقصّة، والقصّة القصيرة جداً.

جورج شويط

تصفح المزيد..
آخر الأخبار