الوحدة: 23- 6- 2022
المرأة و الرجل جنسان مختلفان في الجوانب الجسدية والنفسية والعاطفية والفكرية، والحب ماء زلال يروي تربة الحياة بين الزوجين ويظللها بالبهجة والسعادة، لا لائمة فيه وتظهر المواقف من الطرف الآخر، والعلاقة الزوجية قانون إلهي ورباط مقدس لا نقاش فيه ولا جدل.
الحياة الزوجية واقع ومعايشة يومية تحتاج إلى فهم الشريك، واستيعاب فنون التواصل معه وبذل الجهود من أجل بناء علاقة سليمة مرضية للطرفين، تقوم على أسس واضحة من الألفة والمصارحة والشفافية المتبادلة، فللرجل احتياجاته من المرأة، وللمرأة احتياجاتها من الرجل، وعليهما الانسجام والتفاهم والاتفاق على أهداف مشتركة توجه دفة الحياة والمنزل بما ينعكس إيجاباً على الحياة الأسرية، وعلى كل طرف من أطراف العلاقة الزوجية أن يفهم احتياجات الطرف الآخر ويلبيها والابتعاد عن الأنانية، وسيادة مبدأ التضحية وحب العطاء بينهما، والثقة المتبادلة عامل رئيسي في استقرار واستمرار الحياة الزوجية السعيدة وعدم خسارة الشريك.
طباع المرأة قاموس يجهله الكثير من الرجال، فهي بطبيعة خلقها وتكوينها إنسانة رقيقة جياشة العاطفة، تحب من يشعر بها ويسمع لها ومن يتعامل معها بمنطق الحب والحنان يستطيع أن يحصل منها على أفضل صفاتها، والزوجة تكون سعيدة عندما يستمع الزوج لطلباتها وهواجسها ومشاكلها والاهتمام بمشاعرها، ومدحها والابتعاد عن التجريح والتعنيف، وتحتاج دائماً إلى سماع كلمات الحب التي تشعرها أنها مازالت محتفظة بجمالها وأناقتها وجاذبيتها في عيون زوجها، فالكلمة الطيبة تشعرها بكيانها كأنثى وتجعلها تفعل أقصى ما تستطيع لإسعاد زوجها وإرضائه.
عدم فهم الرجل لطبيعة المرأة وكيفية التعامل معها يصل بالحياة الزوجية إلى الخصام والشقاق، لذلك على الرجل أن يتصادق مع زوجته ويعاملها معاملة حسنة ويخطب ودها ليكسبها، وعدم الانتقاد أمام الأولاد والآخرين والامتناع عن توجيه الكلمات النابية والتعابير المجحفة المؤذية والحرص على جعلها سعيدة وعدم جرح مشاعرها.
الحياة الزوجية مدرسة مفتوحة يجب أن نتعلم من دروسها واكتشاف ما في أعماق الطرف الآخر، وعلى كلا الزوجين معرفة فنون التواصل التي تساعد على إيجاد التوازن بين علاقته بنفسه وعلاقته بالشريك لإراحة نفسه دون خسارة شريكه، وعلينا التعبير عن مشاعرنا تجاه من نحب وعدم كتمها في الأعماق وتشجيع الرجال الذين يبخلون في مشاعرهم أو يخجلون في الإفصاح عنها بغمر زوجاتهم بالحب والود والدفء الروحي، ويمثل العناق أحد وسائل التعبير عن المشاعر والعواطف المتبادلة ويمنح الأمان ويبعد القلق والتوتر ويبعث الدفء في القلوب.
الكاتب الروسي الكبير تولستوي الذي ملأت شهرته الأدبية الآفاق وصاحب (الحرب والسلام) كانت مأساته الكبيرة في زوجته التي كانت تحب الترف والبذخ والشكليات الفارغة ولا تهيء له أجواء التفكير والتأمل، بينما كان هو يبحث عن جوهر الأشياء لا قشورها، ترك منزل الزوجية في أواخر حياته بعد مضي ثمانية وأربعين عاماً على زواجه هرباً من الشقاء الذي تنشره زوجته في أرجاء المنزل وهيجان ونكد لأتفه الأسباب، ليموت متأثراً بالتهاب رئوي حاد في إحدى محطات السكك الحديدية، ولم يوصِ بشيء سوى: ( ألا يؤذن لزوجته برؤيته ميتاً).
نعمان إبراهيم حميشة