الوحدة 22-6-2022
كما تلقي العاصفة الرملية بغبارها على الكبير والصغير، تسدل الحروب ظلالها على الجميع، تكبدهم خسائر جسدية، نفسية ومادية، خسائر مريرة توقظ أفعالاً تغير مجريات العادات الطيبة البسيطة، فتنهش فيها حتى يعترف الزمن بآلامه التي سببتها له حربه ضد أفعال تصب في طمس هوية هذه العادات، ليحل محلها ما يحزن أجيالاً تربت وعاشت على الكرم والجود والمساعدة والحب. عاشت هذه البقعة الجغرافية إنسانية ذاتية نابعة من منطق وقناعة راسختين، فلا يمكن للإنسانية التحرر من معتقل الظلام إلا إن حررها الخلق، والعمل عليه، وهو ما ميز هذه البقعة التي حملت سلاح الأخلاق والإنسانية طواعية، لارهبة من قوانين صارمة، ولا خوفاً من اعتقال وتغريم كغيرها من بقاع الأرض.. فما الذي جرّته ظلال الحرب عليها؟ ما من قانون على وجه الأرض يفرض معاقبة الشعوب بسلبها قوت يومها، إلا إن كانت هذه القوانين صادرة عن دول تتشبه بالمجموعات الإرهابية المسلحة التي اعتمدت في حصارها لمناطق وقرى سورية على قطع المياه والغذاء عنها، إنما هي إحدى ظلال الحرب التي أنهكت الناس، كما الأزمات التي اختلفت بأسماء السلع والمنتجات، وتشابهت بتضييق الخناق على أسر بأكملها، ظلال هيأت لضغوط نفسية ومادية، انطلقت من حرمان الكثيرين مد يد عونهم للمحتاجين كما علمهم آباؤهم وأجدادهم، ووصلت لمضمار سباق المواصلات التي لم يحسب فيها الحساب لمريض هنا ولخاضع لعمل جراحي هناك، أو لفتاة هنا ولامرأة حامل هناك، فحساباتنا ارتكزت على منطق مغلوط، منطق حيرة وقهر كبار السن الذين يقفون مطولاً في وسيلة نقل يجلس فيها الشباب والشابات على المقاعد غير مبالين بهم، أو حتى بأعمارهم التي فاقتهم شباباً بتهذيبها وأدبها. قيل: ( إنما الأمم الأخلاق ما بقيت.. فإن هم ذهبت أخلاقهم ذهبوا )، مفرزات رمت بثقلها على عقول لم تستوعب حقيقة ما يجري، تأمل الاستيقاظ على الواقع الموروث عن الصالحين من السابقين… وللأمل بصيص سيبصر الحق يوماً.
حسن إسماعيل