الوحدة : 22-6-2022
!! هل فكرت عزيزي القارئ أن تجري لنفسك استبانة تخصك أنت وحدك ، تقيم فيها ذاتك بعيداً عما تراه أو تسمعه من الناس المحيطين بك ؟ الناس عامة على ثلاثة أصناف : الصنف الأول هم أهلك وأصدقاؤك ومحبوك، وهؤلاء في غالب الأحيان يحبونك، أو يجاملونك، وهم بالتالي إن سألتهم عن نفسك ، سوف يعددون لك من الصفات الإيجابية مايجعلك تشعر بأنك ملاك طاهر يمشي بين الناس مترفعاً عن ترهات الحياة وألوانها ورغباتها ، سابحاً في ملكوت آخر ليس لبني البشر ، بل هو أسمى من ذلك، ومن ثم فهؤلاء لا يصلحون لأن يشاركوا في الاستبانة : لأن النتائج التي سوف تظهر ستكون مضللة. أما الصنف الثاني، فهو صنف أعدائك، ولاتقل لا يوحد لديك أعداء، فالكلمة هنا ليست بمدلولها الحرفي (أعداء) أي هم أشخاص راغبون في الاعتداء عليك بل بجانبها أو معناها الأكثر تهذيباً أي (خصوم )، وهؤلاء لن يتركوا فيك جزءاً سليماً، وإنما سوف تسأل نفسك وما دامت فيًَ كل هذه العيوب، فلماذا لا أذهب إلى السجن بدل أن أظل طليقاً، مع ما أشكله من مخاطر على الحياة الآدمية برمتها لكثرة عيوبي؟ ! وعليه فإن نتيجة الاستبانة مع هذا الصنف ستكون مضللة أيضاً. أما الصنف الثالث فهؤلاء في الوسط، ليسوا أصدقاء ولا أعداء، وبمعنى أكثر وضوحاً أنت لا تعني بالنسبة إليهم شيئاً، ولا تشكل بالنسبة إليهم أية قيمة، فلا داعي أيضاً لأن يشاركوا في استبانة عن شخص لا يهمهم أمره بل لا يكادون يعرفونه. ولم يتبق أمامك سوى شخص واحد قادر على المشاركة في الاستبانة، وهو يعرفك حق المعرفة، بل إنه أكثر الناس قدرة على تقييمك، شريطة أن يكون منصفاً فلا يبرر تصرفاتك السلبية تحت أي ظرف، ولا يوجد لها الأسباب، وهذا الشخص هو أنت نعم أنت أكثر الناس معرفة بنفسك، وأقدرهم على تقييمها وإعطائها سلم الدرجات المعدة لكشف الجوانب المتناقضة في شخصيتك.. وإذا استطعت أن تعد لنفسك استبانة منصفة، وعكفت على دراسة النتيجة التي تظهرها تلك الاستبانة، واسترشدت بها، وعملت على تطوير صفاتك الإيجابية، ومعالجة صفاتك السلبية، واعترفت لذاتك بحقيقتها فسوف تكون قد استفدت منها. أما إذا أخذت في مغالطة الحقائق الدامغة، وركبت رأسك متعللاً بأن هذا الأمر حدث للسبب الفلاني، وذلك الخطأ وقع لأمور خارجة عن إرادتك فإنك في هذا الحال لن تخرج بنتيجة سوى أنك لم تعرف نفسك، وما أصعب ألا يعرف الإنسان نفسه.
لمي معروف