الوحدة : 1-6-2022
بدعوة من مديرية الثقافة ودار الأسد للثقافة في اللاذقية، شهدت قاعة النشاطات في دار الأسد للثقافة قراءتين في المجموعة الشعرية (حين ترسمني القصيدة) للشاعرة رنا محمود، قدمها الأستاذ الناقد نذير جعفر مقرر جمعية النقد في اتحاد الكتّاب العرب، والشاعر الكبير الأستاذ محمد وحيد علي عضو اتحاد الكتّاب العرب، وسط حشد من الأدباء والمثقفين والمهتمّين بالشأن الثقافي والشعر والأدب. البداية كانت مع الأستاذ نذير جعفر، الذي تحدث عن الديوان الرابع للشاعرة رنا محمود، قائلاً: جاء الديوان (حين ترسمني القصيدة) ليشكل تجربة جديدة تتمثل في الحوار بين الذاكرة البصرية عبر اللوحة الفنية والنّص الشعري عبر الكلمات، وذلك ما يفصح عنه الغلاف بوصفه عتبة نصية أولى بالنسبة إلى المتلقي. وتابع قراءته النقدية ليتحدث عن مقدمة الديوان، وهي تعريف الشاعرة بنفسها ورؤيتها للشعر، فهي تبثّ أحاسيسها من دون رتوش، وترى أنّ جناحي موهبتها مخلوقان من حرف ولون، وتؤكد هذا التوجه في فاتحة الديوان التي تشير فيها إلى أن قلبها نهران. وبالنسية لنصوص الديوان رأى الناقد جعفر أنها تتوزع على مستوى الموضوعات والمضامين على الهمّ الذاتي للأنثى والهمّ الوطني والإنساني، أما على مستوى جماليات الصورة الفنية فإنها تضمّ ألواناً متعددة من المجاز المتمثل بالتشبيه البليغ والاستعارة.
وفيما يخص اللوحات الفنية أشار إلى أنها جاءت بالحبر الشيني أو بالأبيض والأسود.. مقدماً شواهد من نصوصها الشعرية. أيضاً نوّه الناقد جعفر إلى ميل الشاعرة في مجمل دواوينها إلى فطرية التعبير ووضوح التعبير المنساب بعفوية وتلقائية. القراءة الثانية كانت للأستاذ الشاعر محمد وحيد علي، الذي تحدث عن مخاطبة الشاعرة لأرواحنا القلقة وهي تبثّ نجواها وشقاءها في مزج بارع بين الذاتي والجمعي، تسعفها في ذلك الجمل القصيرة والإيقاعات السريعة والتكثيف الذي يتفوّق على النّثر العادي عبر مزيجٍ من المشاعر المتضاربة. كما أشار الأستاذ علي إلى أنه على الرغم من أهمية الأنوثة في خطاب الأنثى الشاعرة، فإنه من المهمّ ألّا تتوقف عند حدوده المرسومة، بل عليها أن تتخطّاه إلى ما هو أعمق وأبعد وأشمل.. إلى الجوهر الإنساني الذي لا يخبو نوره. وفي تفاصيل قراءته النقدية أوضح الشاعر علي أنه في سياق تجربتها الشعرية عبر ديوانها (حين ترسمني القصيدة) تشكل شاعرتنا رنا محمود درباً متألقاً في حقول الشعر وحداثته، وكأنها تسعى للعبور من ضفة الواقع إلى ضفة الأحلام وكأنها ترسم انعتاقها الأجمل عبر فضاء الكلمات وامتداد الخطوط والظلال. وأضاف: لغة الديوان لغة آثرة تبتكر صورها باحترافية عبر تكثيف واختزال ممّا يجعل الشعر إيحاء وإيماءات عبر التلميح والإشارات الدالة وهي تحاول الوصول إلى المعاني التي تراها معبرة عمّا يدور في روحها النابضة بالرقة والحنين الطفولي إلى أنهار الفرح والنقاء، كما ورد في قصيدة (ظلك عابر في الغياب). وتميل الشاعرة غالباً إلى كسر التوقع عند القارئ عبر إعطاء لغتها بعداً يخص شغلها على كتابتها، حيث إشعال اللغة رموزاً ودلالات ومعانٍ شديدة وتراكيب تشكل انزياحاً مما يمسك اللغة مجازاً تعبيرياً مفتوحاً يلعب الإيقاع الداخلي فيها دوراً في تصوير الداخلي في حركة النفس وتفاعلها مع الحالة، وهي تلجأ في كثير من الأحيان إلى نبذ السياق الاستعمالي للغة فتحملها ما تستطيع من رحابة المعاني. ونجد اتفاق الناقدين على فطرة الشاعرة والبساطة والعفوية بتوصيل رسائلها وأحاسيسها عبر دفق المشاعر من أجل مزيدٍ من التواصل بينها وبين قرائها. مما قال الشاعر محمد وحيد علي في هذا: وإن هناك فرق بين البساطة والتبسيط، فإن كانت البساطة سهولة ممتنعة فإن التبسيط هو الجنوح باتجاه السطحية خاصة أن في كل شعر عظيم هناك مقدار مثير من الغموض، وهذا الغموض محكوم بمفاتيح جمالية دالة وموحية تعطي الكلام بعده الفني، كما ورد في نص (على أرجوحة الطفولة) .
وتمنى لها الناقدان التوفيق مع تفادي بعض الملاحظات التي ممكن أن تعزز التجربة الجديدة وتغنيها. وكانت لجريدة الوحدة وقفة مع الشاعرة رنا محمود، التي حدثتنا عن ديوانها والقراءتين النقديتين له، شاكرةً في البداية جريدة الوحدة على الاهتمام بتوثيق النشاطات الأدبية.. وعن القراءة النقدية لديوانها قالت: أشكر الأستاذين الناقدين لأنهما أنارا حروف قصائدي بشعاع من نور وألبسوها وشاح المحبة والإنصاف، وهذا ما أردته من ندوة القراءة النقدية للديوان. أما عن ديواني، فقد أردت من خلاله ترك بصمة الشاعرة الفنانة في عالمي الخاص بعيداً عن أي مقارنة أو صراعات. فأنا أرفض القوالب الجاهزة التقليدية.. فهي لا تشبهني. وهذا ما أشار إليه الناقدان ضمن قراءاتهما حيث وصفا المجموعة الشعرية بالتلقائية والعفوية والصدق… كما رافق بعض النصوص لوحات.. تعبيراً مني عن العلاقة الوثيقة بين اللوحة والقصيدة.
ريم جبيلي