الوحدة : 15-4-2022
للكتابة مدارات وفضاءات قد تقلب الموازين في واقعها، قد تتنبأ وتسلط الضوء على ماكان وما سيكون، المسرح أحد هذه البوابات التي تفتح على بهاء لا محدود من الاحتمالات، هو فن الدال والمدلول, لذلك كان له لغته الخاصة وعشاقه ومريدوه ” الصيد في الماء العكر” المسرحية الرابعة والختامية لمهرجان أليسار المسرحي ، وهي من تأليف د. محمد إسماعيل بصل المحتفى به في هذا المهرجان، نص هذا العرض يحكي وجع الشباب الطامح الذي يصطدم بواقع يقتل له أحلامه، وعندما يحاول أن يهاجر في أرض الله الواسعة كي يحقق ذاته وحلمه ويحاول أن يجد العيش الكريم، يصطدم بواقع أقسى تجعله يدور ويعيد وجهات سفره إلى موطنه الأم. بين هاتين الدوامتين وحول مقولة النص كان لنا مع د. محمد بصل هذا الحوار على هامش مهرجان أليسار المسرحي الذي قال لنا : * لماذا عارضت في هذا النص فكرة هجرة الشباب والمحاولات لتحقيق الذات خارج الوطن الأم ؟ – أنا كتبت هذا النص عام ١٩٩٤م، أي قبل أن تحدث هذه الأحداث الجسيمة في بلدنا، ولم يكن وقتها موضوع الهجرة مطروقاً بهذا الشكل الذي نراه، اليوم نرى هذه المسرحية تجسد الواقع الحالي تماماً، فأنا في هذا العمل تحدثت عن ثلاثة شباب سافروا بشكل غير نظامي، بدون جواز سفر او أوراق ثبوتية، وبدون طعام، تعاقدوا مع مهرب، عبر سفينة، مكثوا في أسفل القبو فيها مع أحلامهم الوردية بأن أوروبا ستفتح أبوابها لهم وتمطر عليهم الأموال والفرح، ليكون المستقبل الموعود عكس ذلك تماماً ولتكون وجهتهم هذه تحمل لهم ضياعاً أكبر وذلاً أفظع، طبعاً نحن هنا ندين الهجرة، وهذه الطريقة في الهروب، ونطلب من الشباب أن يتريثوا على ظروفهم وواقعهم، لأنهم مستقبل البلاد ، والوطن يعول عليهم، هذه هي الرسالة التي أردنا إيصالها في هذا العمل، والمخرج استطاع أن يوظف كل الإمكانيات المستطاعة لإيصال الرسالة. * كيف تقيّم التعاطي ومقاربة ما كتبت من نصوص، كتجسيد حي على خشبة المسرح؟، وهل أنت راض عما قدم من عروض ؟ – أنا اؤمن بالشباب، وأمد يدي لهم، وطبيعة عملي كدكتور مدرس لهم ، أحاول دائماً أن أشجعهم وأبحث عن إمكانيات داعمة للشباب في كل الميادين وكل المجالات، لذلك أنا لا أنظر لهم من وجهة نظر مسرحية صارمة، ولا أريد ان أبحث عن الأخطاء او السلبيات، هم يعملون بأقل الإمكانيات المسرحية التي تدعم جهدهم، لا إمكانيات مادية ولا يوجد أي دعم مؤسساتي لهم، هم يعملون من لاشيء ، هذا العمل من لاشيء يجب أن يحتفى به وأن نشجعهم ، ونسلط الأضواء عليهم، هم يعملون بشغف للمسرح وأداؤهم كان جيداً وكلهم موهوبون، والمخرج ذكي استطاع ان يدير ويطوع العقبات إلى حلول، أنا شخصياً مقتنع بما قدم في العروض.
سلمى حلوم