الأديب والشاعر نعيم علي ميا.. وشعر يعبّر عن الواقع بطريقة التطلع نحو الغد

الوحدة: 14-3-2022

نعيم علي ميّا شاعرٌ يرى في الشعر حالة إنسانية مجتمعيّة، شعره يعبر عن الواقع لكن بطريقة التطلع والسعي نحو الغد المأمول .

فالشاعر – حسب رأيه – يترجم هذا الواقع عبر قصائده من خلال منظور يصب في إعادة الصياغة للمجتمع، بحيث يعبر عن الغد (المثال والأمل), ولطالما رأى الشاعر ميّا في القصيدة طاقة إيجابية فاعلة تبعث في النفس التفاؤل والثقة بأهمية الإنسان والحياة، ومن هنا كانت قصائده واحة جميلة تنشر اخضرارها على محيطها لتبعث الأمل والتفاؤل.

الوحدة التقت الشاعر نعيم علي ميّا للوقوف معه على أهم محطات مسيرته الأدبية والشعرية ،فكان اللقاء الآتي:

 * من أين نبدأ قراءة تجربتك وأنت شاعر مرّ بمحطات كثيرة ، دعنا نتوقف عند أهمها.

 – في البداية شكراً لصحيفة الوحدة بكادريها الإداريّ والفنّيّ، من المؤكّد والطّبيعيّ أنْ تكون هناك بدايات أستطيع أنْ أصفها بالبدايات الخجولة جدّاً، لاسيّما أنّ الكتابة الشّعريّة – والكتابة بحدّ ذاتها – مسؤوليّة تاريخيّة , فقد بدأتُ بالكتابة النّثريّة الّتي تحمل في طيّاتها مفردات وتعبيرات شاعريّة , وهذا الأمر لاقى قبولاً واستحساناً لدى المحيط بي من الأصدقاء الّذين وقفوا إلى جانبي وقدّموا لي الدّعم المعنويّ الكافي , ثمّ انتقلت بعدها إلى كتابة القصيدة وبدأت في قصيدة النّثر الّتي لا تزال حتّى الآن تمثّل محور حديث ومحطّ اختلاف حول ماهيّتها بين المثقّفين , ومن بعدها انتقلت إلى قصيدة التّفعيلة الّتي رأيت فيها مجالاً إبداعيّاً كونها تحتاج إلى تكثيف وصور جديدة مبتكرة, إضافة إلى لغة حقيقيّة غير زائفة, كما لم أبتعد عن الشّعر الخليليّ.

 * هناك دائماً عوامل متعددة تساعد في تشكيل وصقل التجربة الشعرية .

حدّثنا عن هذه العوامل التي هيأتك للوصول إلى ماأنت عليه الآن.

 – الحقيقة الّتي يجب أنْ أُعلنها للجميع هي أنّ العامل الأساس في تحصيل وصقل ما أنا عليه , هو دراستي للغة العربيّة في الجامعة من جهة, إضافة إلى عملي المهنيّ في التّدريس من جهة ثانية, ولا أنسى اعتمادي على الأصدقاء الأوفياء , إذ كنتُ أعرض عليهم المنتج الجديد ونبدأ الحديث والنّقاش بغية الوصول إلى الأفضل والأمثل, كما لا بدّ أنْ أُشير إلى دور المنبر الثّقافي الّذي يحمّل المرء مسؤوليّة حقيقيّة , إذ ليس من السّهل أن يقف المرء على المنبر وأمامه هذا الحشد الّذي يضمّ شرائح وفئات مختلفة , ذات معرفة وموسوعيّة , إضافة إلى وجود أهل الاختصاص وأصحاب الشّأن , كلّ هذا دعاني إلى العمل وهدفي الوصول إلى الأفضل.

 * التخيل هو أهم ملكة أدبية تساعد الأديب بشكل عام والشاعر بشكل خاص على تشكيل أجمل الصور بعد أن بكون مزجها مع عواطفه ومشاعره وأحاسيسه . إلى أي مدى تلعب هذه الملكة دورها في مسيرتك الأدبية؟ .

من المؤكّد أنّ الصورة الفنّيّة عنصر هامّ في الشّعر , وكلّما كانت الصّورة مبتكرة , استطاعتْ أنْ تشدّ المتلقّي وتحّركه, لاسيّما الصّورة المستمدّة من الواقع, أمّا الصّورة الخياليّة فأمرٌ آخر ويحتاج إلى الكثير من العمل , وهنا يحضرني أنّ البعض يتعمّد الغزارة في الصّورة ظنّاً منه أنّ ذلك يساعده على جعل النّصّ أكثر جمالاً , وتقبّلاً , ناسياً أنّ الصّورة سلاح ذو حدّين, وأمّا بالنّسبة للمشاعر والأحاسيس فلا أظنّ أنّ الشّعر يُكتب بلا شعور – وإنْ كنتُ ممّن يؤكّد أهمّيّة ربط الشّعر بالفكر كما ربطه بالشّعور – وكما نعلم أنّ الشّعراء يمتازون بحساسيّة عالية يسميّها البعض حساسيّة مفرطة, لذا نجد مفرداتهم ذات إيحائيّة جميلة, تعبّر عن عمق الوجدان, ومثاليّة الإنسان.

* هل برأيك ممكن للتخيل أن يتحول إلى رؤية الأشياء بصورة أكثر وضوحاً ،ومن بعدها يصل الشاعر إلى مرحلة الخلق والإبداع، أم يتعلق ذلك بثقافته وتأمله في العالم المحيط؟.

 – إبداع الصّورة بحدّ ذاته حالة خلق جديد وتوظيف جديد لخدمة الفكرة , ولا يمكن للشّاعر أنْ يتعمّد الصّورة , وإلّا ابتعد بدل أنْ يقترب , وهنا لابدّ أنْ أؤكّد على ضرورة إلمام الشّاعر بمختلف العلوم والمعارف, فمن الضّرورة بمكان أنْ يكون الشّاعر مثقّفاً , وأمّا بالنّسبة للرّؤية , فالشّاعر قادر على أنْ يرى الأشياء أكثر وضوحاً , لأنّه إنسان مثقّف مطّلع على الحياة وتاريخها , ومن هنا لابدّ أنْ تكون لديه آراء خاصّة , آراء مبنيّة وفق أسس حقيقيّة بعيداً عن قول الشّعر لمجرّد الشّعر فقط, ومن هنا أقول: إنّ الشّاعر يعمل على إعادة خلق الواقع بصورة جديدة جميلة , فيها تنوّع وشموليّة وألوانها أزهى وأبهى, وهذا الأمر مردّه إلى أنّ الشّاعر يعمل على إخراج ما بداخله من إنسانيّة عبر الكلمة.

 * نلاحظ على الكثير من الشعراء والأدباء استخدامهم للترميز في العديد من نصوصهم الأدبية ، برأيك متى يلجؤون إلى استخدام ذلك ؟ولماذا؟

 – التّرميز لا يعني بالضّرورة الغموض, وإذا تعرّض الشّاعر لاتهام بأنّه غامض ولا يستطيع القارئ أنْ يقرأ له لأنّه يُكثر من الرموز , فهذا إنّما يعود إلى أنّ القارئ غير مثقف , هذا ببساطة , فكما تعلمين أنّ الشّعر جنس أدبيّ نخبويّ , فالشّعر يُقرأ مرّة من قبل الشّاعر والمتلقي يستمع إليه, ومرّة يُقرأ من قبل المتلقّي, للبحث والدّراسة والتّحليل, وبالعودة إلى التّرميز, لا أعتقد أنّ الشّاعر يتعمّده قصداً , بل أجده يأتي نتيجة تكثيف واختصار وقد يكون ارتكازاً, وهذا أمرٌ ضروريّ في الأدب, كما أنّ التّرميز إنّما يدلّ على سعة إطلاع ومعرفة الشّاعر المثقّف , وهنا أمر غاية في الأهمّيّة (شخصيّاً معها) ألا وهي القراءة ثمّ القراءة ثمّ القراءة.

ريم ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار