محطة المعالجة في مشفى القرداحة تنشر موتاً بطيئاً في محيطها

رقــم العــدد 9316
20 آذار 2019

لا يكفي أن يكون ما يقال ما نرى ونسمع مبنيّاً على واقع وأدلّة وبراهين.. ( فالأعور بعينك) لم تعد تلك العبارة الرنّانة التي تنحّي ضمير المسؤولين فيسارعون إلى اجتراح الحلول، لذلك نرى أن الجميع انتقل إلى حالة استلابية بالتعايش مع واقع طال 20 عاماً واكتشافه اليوم أو تسليط الضوء عليه لا يبدو ذا قيمة تذكر إلاّ بقدر ما يمكن أن يحقق فرقاً وينهي مشكلة أو يخففها.
في الإعلام اعتدنا العمل على الموجة الطويلة، ما لا يحل اليوم حسبنا فيه أننا أشرنا إليه، محطة معالجة الصرف الصحي في مشفى القرداحة لم تعمل يوماً وكل ما يمكن أن يخطر بالبال يصحّ أن يقال عن ملوثات صرف صحي طبي في آن واحد أيّهما لا يقل خطراً عن كليهما.
عمر المشفى ينوف عن 20 عاماً، إذاً صرفها إلى المحطة لم يعالج طيلة هذه المدّة، من حيث المبدأ التهويل مرفوض بالعرف الاجتماعي لأنّه لا جائحة مرضية تحولت إلى وباء في المنطقة، ومن الناحية العلمية كل الخطر قائم في صرف يسيل في مجرى مائي ويؤثر على مياه جوفية، لجنة من محافظة اللاذقية برئاسة عضو المكتب التنفيذي لقطاع الصحة السيد عبد الحسن شرّوف شكّلت للتقصي عن هذه المحطة ووضعت تقريراً مما جاء فيه:
عند وصولنا وجدنا مبنى فارغاً تماماً منذ سنوات ومضخات المحطّة غير موجودة، والتوصيلات التي يجل أن تصل من المشفى إلى المحطة لا تعمل منذ وضع المشفى بالخدمة، ومحطة المعالجة معطلة تماماً ولا يوجد حتى أي توصيلات كهربائية وغيرها، وكأنّ المحطّة غير موجودة ولدى التجوال في محيطها شوهدت مياه الصرف الصحي ونواتج النفايات الطبيّة المختلفة تجري بشكل مكشوف خارج سور المحطة بين أشجار الخضار والفواكه وتصب في مجرى مائي من دون أي معالجة تنتهي إلى بحيرة سد بحمرا المخصصة لمياه الشرب. فتمّ أخذ عيّنات (1-2) من مصدرين، الأولى من المجرى المكشوف والثانية من حوض تجميع المحطّة وتم إرسالها بكتاب رسمي إلى مديرية البيئة في اللاذقية التي وافت اللجنة بنتائج التحليل المخبري والجرثومي والناتج عن مخلّفات المشفى، فتبيّن أنّ هذه المياه غير صالحة للسقاية وقد تشكّل خطراً على المياه الجوفية للآبار المجاورة وعلى مياه سد بحمرا، ما يعني أن هذه الملوّثات الجرثومية والزئبقية والعصيّات والعوالق الصلبة والضارة، وغيرها الكثير، تشكّل خطراً على صحّة الإنسان والحيوان والنبات. وبناءً عليه اقترحت اللجنة ما يلي:
* مصب نظامي بشكل مؤقت وسريع كحل إسعافي.
* العمل على تشغيل المحطّة فوراً نظراً للأمراض المنتشرة ومنها أمراض غير معروفة مسبقاً.
* العمل على إنشاء محطة جديدة تتناسب مع المحطات الموجودة حالياً في الأسواق العالمية، وذلك لدرء انتشار الأمراض والأوبئة.
ما سبق كان تشخيصاً وتوصيفاً لواقع لا ريب فيه، واللجنة التي قامت بالكشف على المحطّة وكان برفقتها مدير مشفى الباسل في القرداحة الدكتور سهيل مخلوف والمدير المالي والمهندس المشرف في المشفى.
ولكن توصيات اللجنة الثلاث الآنفة الذكر ليست عصاً سحرية ولا يمكن أن تنفّذ بكن فيكون من حيث البندين:
* العمل على تشغيل المحطة فوراً.
* إنشاء محطة جديدة.
فالمعروف وجود خطط ودراسات يطول الحديث عنها هي ملح الروتين الذي نعيشه لذلك حتى يفرع الحديث ويمل الروتين نفسه، يمكن أن نعيد الطرح عشرات المرّات قبل أن نلمس تحسناً على أرض الواقع وستبقى المحطّة تنشر موتاً بطيئاً في محيطها ولا يبقى إلاّ الحل الثالث وهو إلغاؤها والمسارعة بوصل صرف المشفى إلى صرف المنطقة النظامي وهذا الأخير معضلة!

خديجة معلا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار