مهنة التعليم بين السعد والشقاء

الوحدة:3-1-2022

يعدّ التعليم من الحاجات الضرورية جداً لكل فرد وللمجتمع ككل. وتدريس العلوم والتكنولوجيا يساعد على تطوير عقول الناس و على بناء مجتمع ذي مستوى عال في الثقافة والعلم وقادر على تلبية متطلبات التنمية المستدامة وتحقيق النهضة الاقتصادية. ونظراً لدور المعلم في نشر العلم والمعرفة فقد أخذ مكانة مهمة في قطاع التعليم والتربية واكتسب احترام المجتمع ودعمه. وفي مجتمعاتنا العربية جاء بيت الشعر: “قم للمعلم ووفه التبجيلا…كاد المعلم أن يكون رسولاً تعبيراً عن مدى أهمية المعلمين بناة الأجيال. لكن ما هو حال مهنة التعليم والمعلم اليوم في مجتمعنا؟…هل جرى توفير كل الموارد والظروف و سبل النجاح للمعلم ليتسنى له نشر العلم والمعرفة.

 عندما تتحدث مع بعض الأصدقاء والزملاء في مهنة التعليم وتسأل عن أحوال المعلمات والمعلمين وأخبارهم في ظروفنا الحالية سيتعزّز لديك حجم المعاناة التي يعانيها المعلمون والمعلمات من ضغوط مختلفة أثناء مزوالتهم المهنة في صفوف المدارس أو حتى في الدروس الخصوصية. ستطرح على مسمعك أهم مشكلة تؤرق المعلم حالياً وهي مستوى الدخل المتدني الذي لا يسمح له في أداء واجبه في التعليم على أكمل وجه.

 إذ يضطر البعض إلى إيجاد عمل آخر بالتوازي مع التدريس ليستطيع تلبية حاجات أسرته.

 ويواجه المعلم مشكلة أخرى في عمله وهي اكتظاظ الصفوف بالطلاب بأكثر من ثلاثين طالباً وربما يصل العدد للخمسين أحياناً، وما ينجم عن ذلك الازدحام من الشغب والصخب وعدم التركيز على جوهر الدرس وضياع الوقت في فرض الهدوء.

 كما يصادف المعلم معوقاتٍ شتى في عمله عند نشر المعلومات وشرحها مثل تراجع مستوى الطلاب العلمي وكثافة المناهج الحديثة، ومن نقص أو غياب مستلزمات التعليم مثل الحواسيب والمجاهر الضوئية والخرائط ووسائل الإيضاح المختلفة وغيرها من أدوات في مخبر المدرسة.

 ويضاف إلى ذلك مشاكل انقطاع الكهرباء ونقص التدفئة في المدارس في فصل الشتاء وعدم التهوية في فصل الصيف.  

كل ذلك يؤدي إلى ضغوط على كاهل المعلم التي ستلقي بآثارها على نفسية المعلم وصحته. وهذا الحال يفسر سبب رغبة الكثير من المعلمين بالتقدم إلى التقاعد المبكر هروباً من ضغوط مهنة التدريس في ظروفنا الحالية… هناك البعض يعطي صورة ممتازة عن أحوال المعلم عند التحدث عن أجور الساعات الخصوصي التي تترواح بين ثلاثة وعشرة آلاف. لكن هذا الحال لا ينطبق على معظم المعلمين، ففي الواقع فقط قلّة من المدرسين قد يحالفهم الحظ بنعمة الدروس الخصوصية وإمكانية التدريس في المعاهد الخاصة ذات الأجور المرتفعة. ربما يتذكر البعض من الجيل القديم كيف أن بعض المدرسين كانوا يلجؤون إلى الإعارة أو التدريس خارجاً في البلاد العربية ليتمكنوا من تحقيق بعض الموارد المالية تعينهم في حياتهم. ويبقى الأمل معقوداً على تحسين أوضاع المعلمين مستقبلاً وتغير الأوضاع الاقتصادية والمعيشية للأفضل حتى يتمكن المعلم من تسخير العلم والمعرفة في خدمة مجتمعنا وتطويره.

د. زاهر البركة

تصفح المزيد..
آخر الأخبار