الوحدة : 29-8-2021
إن أسلوب الحياة الحديث مع وجود التقنيات المختلفة التي تجعل الكثيرين قابعين خلف الشاشات ، جعل من الأطفال عرضةً للصمت، لا يُدركون أساليب وفنون الحوار الذي يعد عملية أساسية لتوطيد العلاقة بين أفراد الأسرة.. وفي هذه السطور نوجز أهم ما جاء في دراسة تناولت نتائج وآثار انتشار الانترنت ووسائل التواصل الاجتماعي وتأثير ذلك على أطفالنا بشكل خاص وقد جاء فيها: ( إن التحول الرقمي والانتشار السريع لتقنية المعلومات والاتصالات غيّر العالم وغيّر معه شكل حياتنا اليومية، وتصرفاتنا في المراحل العمرية المختلفة. كما شكلّت مرحلة الطفولة تغيّراً أيضاً، مع تغيّر اهتمامات الأطفال وألعابهم وطرق تلقيهم للمعلومة، فقد وفرت لهم التقنية الرقمية فرصاً أكبر في الوصول إلى المعلومة واللعب المفيد وتنمية الهوايات والمهارات. ولكن في المقابل للتفاعل الرقمي مخاطر كبيرة على سلامة الأطفال ، إذ زادت فرص تعرضهم للمحتوى غير اللائق مع ما قد يجره ذلك من تبعات ومخاطر جمّة ) . واستعرضت الدراسة الآثار التي خلفتها هذه التقنيات من خلال تحذيّر الأطباء من تداعيات نفسية وجسدية تطال الأطفال جراء استعمالهم المفرط للأجهزة الالكترونية، فهم أكثر عرضة للقلق والاكتئاب والعزلة والخمول واضطرابات النوم، بالإضافة للإدمان المرضي، وتعزيز ميول العنف والعدوان لديهم، خاصة وأن نسبة كبيرة من الألعاب الالكترونية تعتمد على التسلية والاستمتاع بأعمال العنف والتدمير. أما عن الأمراض الجسدية التي يسببها الجلوس أمام أجهزة الحاسوب والأجهزة اللوحية والهواتف الذكية لساعات طويلة، فتتمثل بالسمنة والخمول الجسدي والصداع وإجهاد العين وتشنج العنق وآلام في الكتفين والظهر. وعلى العكس من ذلك يؤمّن الاستخدام المعتدل للانترنت، وتقليل مدة البقاء أمام الأجهزة الالكترونية فرصة للاستفادة القصوى من وقت الأطفال، وتنشيط ذاكرتهم من خلال ألعاب الذكاء والتركيب وغيرها، فضلًاً عن فرص لا محدودة للتعلم واكتساب المهارات المختلفة، وثروة من المحتوى المتنوع الغني، ومنابر التعبير وتبادل الخبرات. وقد أكدت هذه الدراسة التي حملت عنوان – الإعلام والثقافة وفنون الطفل – ( أن تأثير المشاهد المرئية في ثقافة الطفل تصل إلى نسبة 40٪، بينما تمثل الأسرة والمدرسة والبيئة المحيطة مجتمعين النسبة المتبقية. وتشير إحصاءات منظمة الأمم المتحدة للطفولة – اليونيسيف – التي عرضتها في تقرير لها حمل اسم : الأطفال في عالم رقمي – إلى أن الشباب الذين تتراوح أعمارهم بين / 15و 24 / عاماً يمثلون الفئة العمرية الأكثر اتصالًا بالانترنت في العالم، لتبلغ نسبتهم 71% مقارنة مع 48% من إجمالي عدد السكان. وينتمي واحد من بين كل/ 3 / مستخدمين للانترنت في العالم لفئة الأطفال والمراهقين الذين تقل أعمارهم عن/ 18 / عاماً. وقدمت الدراسة عرضاً لبعض المواقع والتطبيقات الآمنة للأطفال: فقد أطلقت شركة غوغل محرك بحث باسم / Kiddle / موجه حصرياً للأطفال، يتضمن فلاتر وخدمات بحث آمن لحماية الأطفال من ظهور محتويات غير لائقة أو مواقع مزعجة. كما أطلقت شركة يوتيوب ، تطبيق/ Youtube Kids / الموجه للأطفال وذويهم، ويتيح التطبيق لمستخدميه تحديد مجموعة معينة من المقاطع التي يمكن للأطفال مشاهدتها، وفق المنظومة التربوية والقيمية التي يريد الأهل غرسها في الأطفال، كما يمكن للأهل حذف مقاطع بعينها بحيث لا تظهر للأطفال، أو حتى منع الأطفال من تصفح قنوات كاملة بعينها، وذلك لضمان سيطرة الأهل الكاملة على ما يشاهده أطفالهم. أما موقع فيس بوك فقد أطلق نسخة جديدة من تطبيق ماسنجر مُخصصة للأطفال تحت سن 13 عاماً باسم / Messenger Kids / يُمكن للآباء إدارة التطبيق بعد تحميله على أجهزة الأطفال من خلال حساباتهم على فيس بوك ، كما أضاف الموقع خاصية جديدة لهذا التطبيق بعنوان / Sleep Mode / تسمح للآباء بضبط مواعيد إغلاق التطبيق. كما قدمت الدراسة نصائح للأهل لتعزيز الأمن الرقمي لأبنائهم منها : تنبيه الأطفال أنه لا يجب عليهم مطلقًاً إعطاء بيانات شخصية عبر الانترنت ، بما في ذلك الامتناع عن تحديد الموقع جغرافياً من خلال منشورات وسائل التواصل الاجتماعي. و جعل الأطفال يستخدمون أجهزتهم الالكترونية في بيئة مفتوحة وليس في الخفاء، ومراقبة عناوين مواقع الانترنت التي يتصفحونها. بعد استعراض هذه الدراسة بكل ما جاء فيها من وقائع وحقائق تخص العالم الرقمي الذي يغرق فيه أطفالنا ، يتبادر إلى أذهاننا السؤال الآتي : كيف نتعامل على أرض الواقع مع أطفالنا ؟ وهل نطبق الجزء اليسير من هذه الإجراءات والنصائح كي نقي أطفالنا من مخاطر هذه التقنية الحديثة في رسم تجاربهم الحياتية، وأفكارهم ومعتقداتهم، ليرافقهم هذا التأثر في جميع مراحلهم العمرية وتنشئتهم الاجتماعية ؟.
فدوى مقوص