الوحدة :25-8-2021
مثل جرح نازف مفتوح على أديم الوطن، كذلك هي قصائد عهدات موسى، تنزف بغزارة، كأنما القلب جدول أرجواني قان، من المفردات المعمدة بالروح والنبض وايقاع الألم.
كما الأحلام مشرعة على نعاس المقل، والأمنيات المؤجلة في قيعان اللاشعور والوجدان الفردي والجمعي كذلك هي نصوص الشاعرة موسى، تباريح، شوق، أنين، وقليل من سنابل فرح يلقم الجائعين رغيفاً من سعادة وإيمان وخفق رايات الوطن المنتصر.
تعب الأحلام واستعارية العنوان
وأنت بين يدي مجموعة (تعب الأحلام) يستوقفك المجاز وروعة البيان عبر الاستعارة المكنية للعنوان، حيث الأحلام ككائن حي يتعب كما كل المخلوقات، ينكسر، يحبط، يفشل، يصاب بالعقم الرؤيوي.
الشاعرة في اختيارها العنوان تؤكد بأننا نحن البشر محكومون بالأمل، محرمون منه، بأنها في تعب الأحلام تحكي آلامنا.. ترسم شقاءنا محاولة في نهاية المدى المظلم فتح كوة من متعبون في رسالة واضحة أمل وفرح بالرغم من قتامة الوجود بفعلنا نحن البشر :
تعال ننشر عبق الحب،
من رياض عيون الضياء..
نوزع كؤوس الفرح،
فضاءات .. تعب الأحلام
تقع المجموعة في مئة وتسع عشرة صفحة من القطع الصغير، بطبعة أنيقة مزينة بلوحة للفنان التشكيلي فائز الحافي، تمثل امرأة تعزف على آلة العود تنزف دماً، ولهباً أرجوانيا..
أربعة وخمسون نصاً نثرياً ما بين قصيدة وومضة تؤلف محتوى المجموعة، متنوعة المضامين والرؤى، نقرأ الذاتي الوجداني، الوطني، القومي، الاجتماعي، الإنساني، التأملي، الوجودي الفلسفي، وغيره.
ومن عناوين المجموعة: حصاد الوجع، وقار الصمت، القادم المجهول، حمائم السلام، ريشة الشوق، عودة من الموت، غضب الشمس، لذة العتاب، لا ترحلي، سنابل الحب، الحوت والأنثى، سهرة مع الموت، وغيرها..
تبرز في النصوص قدرة الشاعرة موسى وهي المدرسة لمادة اللغة العربية، تبرز مهارتها في تعاملها مع اللغة وتوظيفها لجماليتها الفنية والأسلوبية والخيالية والبديعية والموسيقية المعتمدة على الإيقاع الداخلي المفردة والجملة، مع نبل العاطفة وشرف المقصد..
تقول في قصيدتها (تعب الأحلام):
أيها الموت تعال،
تمدد فوق بيادر غروبي،
تسلل إلى تجاعيد قلبي، واترك لمسائي نبضة..
وحذار حذار أن تغادر بقايا صمتي،
قبل أن أتوارى في خلجان صدري،
وأصلي بروحين في معابد الله.
– كلمة أخيرة –
لقد انصب اهتمام الشاعرة موسى على مضمون وجوهر النصوص، ولم تتكلف في النواحي الفنية بل جاء كل عفو الخاطر مقدمة رسالتها الثقافية كامرأة مبدعة تقول في قصيدة رحلتي:
أيها الرجاء،
قم توضأ لنصلي بخشوع..
تعال نرسم الإصغاء
من ترانيم عشاق المساء.
خالد عارف حاج عثمان