الوحدة 17-8-2021
الفنّ يحمل نكهة الماضي وعبق الحاضر والقيم والمعاني الإنسانية السامية وهو الهوية الحضارية والإنسانية للشعوب والشاهد على العادات والتقاليد عبر مراحل التاريخ.
الغناء فن جماليّ يسهم في بناء الذوق والوجدان وغذاء روحي يحمل رسائل ثقافية ومعرفية وطربية تحضّ على الفرح والأمل والتفاؤل والإباء والشموخ وحب الوطن، تحرّك الجمهور بالتفاعل والتصفيق, لرسم الفرحة على الوجوه والبسمة تجدل بشائرها على الشّفاه.
يشدنا دوماً الغناء واللحن الجميل, فالأغنية تسمو وتحلّق وتخلد في ذاكرة الجماهير العريضة وترددها دوماً من خلال قربها من الناس ودغدغتها لآمالهم وآلامهم وأوجاعهم, أغنية تزور الأذنين خلسة تخاطب الوجدان وتحكي هموم الناس ونبض الشّارع من خلال الصوت العذب والكلمة واللحن المشبع بالموسيقا التي تفيض بالإحساس ويصافح السمع والقلب النغم الهادئ العميق, ولكل أغنية فكرة خاصة تستند إلى حدث يتم سرده بطريقة قريبة من أذن المستمع بقدرات صوتية مميزة.
الغناء رسالة إنسانية ملتزمة لتمجيد جماليات الحياة وبناء شخصية الإنسان وتحصين الأجيال وإيجاد حالة من المقاومة والتمسك بالهوية والأرض إعادة الذاكرة والتراث وإعمار النفسية والذهنية البشرية وترميمها ومقاومة التسطيح والجهل والتجهيل الذي يغزو الأذن عبر وسائل الاتصال الحديثة والفضائيات التي تروّج للأغنيات الهابطة.
الأغنية الهابطة أشبه بأغنية شتائية وسط ربيع باسم وهي صورة عن الواقع المتردي وهبوط وتدنيّ المستوى للغناء الآن في ظل غياب الرقابة المسؤولة وعدم وجود ثقافة فنيّة حقيقية لدى الكثير من المؤلفين والملحنين والمطربين, والشارع الفنيّ هذه الأيام موحل بركام الأصوات الناشزة
لقد ساهمت القنوات الفضائية في تغييب وتحييد التراث الغنائي الجميل, وعلى كتاب الأغنية تقديم النصوص الهادفة البعيدة عن التكرار الممجوج والتقليد المستهلك…. نحن نريد أغاني طربية ملتزمة تعكس هويتنا وثقافتنا, أغاني تعيد للأذن تصفيق الأيدي وقرع الطبول ونقر الدفوف ولا يمكن محوها من الذاكرة الشعبية, والابتعاد عن الأغنيات التي تعتمد على الشكل والغواية والإيقاع والمضمون التجاري الهابط.
نعمان إبراهيم حميشة