كواليس القصيد…من قاسيون أطلّ يا وطني

الوحدة 14-8-2021

في ستينيات القرن المنصرم وقف الشاعر اللبناني خليل الخوري فوق قمة قاسيون، اعتل صدره بالنسيم الصاعد من فردوس الشآم وسرحت عيناه في مشهد دمشق النائمة على سفح قاسيون كطفلة غفت على صدر أبيها، سرحت مخيلة الشاعر مع عينيه وتصعَّدت أبيات قصيده مع نسائم الفيحاء هذا بعضٌ من بوحها:

من قاسيون أطل يا وطني…وأرى دمشق تعانق السحبا

آذار يدرج في مرابعها….والبعث ينثر فوقها الشهبا

أو سكرةٌ للمجد في بردى…خلت على شفة الهوى حببا

أو أن سحراً مسها ويداً….ردّت إليها القلب والعصبا

عجباً كأني الآن أعرفها….شمماً كما يرضى العلا وصبا

من قاسيون أطل يا وطني….وأعانق التاريخ والعربا

قام الملحن السوري سهيل عرفة يتلحين القصيدة فأسبغ عليها لحناً رقيقاً يناسب نسيم قاسيون ورقرقة بردى وهديل حمائم دمشق وفوح الياسمين في أزقتها العتيقة، لكن ذلك لم يعجب الشاعر الذي كان يريد لقصيده لحناً قوياً بإيقاع رتيب عالٍ يناسب رسوخ قاسيون وفخر الشآم واختصم الشاعر والملحن في هذا الأمر، لكن عندما وصل القصيد المسامع بلحنه الرقيق وببحة حنجرة المطربة اللبنانية دلال الشمالي تمايل الناس طرباً بجمال القصيد ورقة لحنه وانْتَشوا زهواً وفخراً بجلال دمشق وعروبة دمشق ما جعل الشاعر الخوري يقر ويعترف للملحن عرفة بصواب عمله وحُسن لحنه.

القصيدة انتشرت على مساحة الوطن العربي وصدى قسيون وصل إلى الجزائر قبل القدس:

لأكاد أسمع ألف هاتفةٍ…وهران تلثم في العلا حلبا

وصدى البشيرُ يهزني طرباً….إنّا أعدنا القدس والنقبا

عربية عادت مطهرةً…تاريخها بدمائنا كتبا.

اليوم بعد عشرية الحرب على الشآم أفاقت الطفلة الغافية على صدر أبيها المخضب بدمائه، الراسخ في وقفته ليقلب التاريخ كلم القصيد…ويطل الوطن من قاسيون.

شروق ديب ضاهر

تصفح المزيد..
آخر الأخبار