أينما اتجهت… تشرّد وإهمال إنساني

الوحدة 12-7-2021

 

هاتان (المخلوقتان) هما من ضحايا البعد الإنساني المشلول على جميع المستويات، والذي ينشط فقط عند المناسبات العامة ذات الجماهير الغفيرة، هنا يتم إبراز الإمكانات أمام هذه الجُموع بغية التصفيق وتجميع المحبين، وإظهار حسن نواياهم وإنسانيتهم الجياشة، وقد تبيّن من خلال السؤال عن هاتين المشردتين أنهما أختان (جميلة وسوسن) يقال إنهم خريجتا جامعة، جار الزمان عليهما لسبب غير معلوم، علماً أن سوسن كانت تتمتع بأناقة على مستوٍ جيد في هذا الحي، تمتلكان عقاراً كبيراً يأويهما وذويهما، كما أن هناك روايات أخرى تتضارب مع تلك السابقة، وما يهمنا هو الحالة الإنسانية التي تنتابهما وتنتاب غيرهما من المشرّدين الذين يفتقدون قواهم العقلية باستثناء العودة إلى المنزل الذي يأويهم، هاتان (السيدتان) أحياناً يتفارقا وأحياناً كثيرة يجلسان سوية بمنتهى الأدب والاحترام، تجمعهما تلك السيجارة الطويلة التي يتبادلان حرقها، لتنتهي بحرق شفاههما، كما أنهما مجتمعتان دائماً على نفس المصير (التشرّد الكيفي)، إحداهن جغرافية تواجدها لا تتجاوز شارع الثورة وأغلب الأحيان تركن على تقاطع الزقزقانية والنفوس، ترنو بجميع المارة بدون أية أذية أو لعب على المشاعر كما تفعل الأخريات من المستعطفات المتسولات، لكن أهالي الحي والجيران يعرفون مرادهم المتمثّل بالدخان والسندويش وبعض الخبز، فيقدّمون لهما نصيبهما من تلك المواد التي تنال قبولهما ورضاهما.

وفي نهاية المطاف وحفاظاً على الأخلاق والنبل الإنساني أما كان يجدر بالمجتمع الأهلي ابتداء من مختار المنطقة المتواجدين فيها وذوي الشأن، وخاصة القائمين على هذه الحالات في مديرية الشؤون الاجتماعية والعمل بالمحافظة العمل على مكافحة ظاهرة التسوّل والتشرّد وضبط حالات انتشارها في شوارع المحافظة للحفاظ على الحالات الإنسانية والعمل على الحدّ منها ومكافحتها بطرق علمية ووجدانية، فهم إخوة لنا جميعاً بالشكل وفي كامل خلق الله، لكنهم يختلفون بذهاب عقلهم فهم بذلك أضعف الخلق، وقد يكونوا عبارة عن امتحان إلهي أو عِبرة وضعهم الخالق بين خلقه لإثبات الإيمان والعودة إلى التقوى والعمل الصالح.

سليمان حسين

تصفح المزيد..
آخر الأخبار