مركز ضمان الجودة بكلية الآداب في جامعة تشرين يتابع سلسة نشاطاته

الوحدة 14-6-2021  

 

ضمن سلسلة النشاطات الثقافية التي يقيمها مركز ضمان الجودة في كلية الآداب والعلوم الإنسانية، قدمت كل من الدكتورة ميساء علي  (قسم الفلسفة) والدكتورة غيثاء قادرة (قسم اللغة العربية) محاضرة مشتركة وذلك في قاعة المؤتمرات في مبنى كلية الآداب.

وبدأت د. غيثاء المحاضرة كلامها بالإشارة إلى أنواع الجمال فقالت:  قسَّمَ العربُ الجمالَ إلى مطلقٍ ومقيَّد, الجمال المطلق هو الجمال الإلهي الذي ينفرد به الله دون خلقه، وأما الجمال المقيد، فيقسم إلى قسمين: كلِّي وجزئي، الجزئي منه فنور علوي يسنح للنفس الإنسانية بالابتهاج عند إدراكِ الصورِ الجميلةِ لقبولها إشراقَ نورٍ من عالم الأنوار المقدسة،  وهذا الجمال الجزئي يقسم إلى ظاهر وباطن، فالظاهر منه يتعلق بالمادة, وهو خطوة أولى للوصول إلى الجمال الباطن، و تابعت د. قادرة قائلة: الإنسان يبدأ بالمحسوس، ليرتقي إلى المجرد، وأما الجمال الباطن، فعقلي مجرد.  لا تدركه إلا العقولُ الصافية المستنيرة بأنوار الله، وهنا يبرز التذوق الجمالي الذي هو: عملية اتصال روحي نفسي بين العمل الجميل وبين متلقي الجمال, المتفاعل برؤية تأملية، وختمت د. قادرة: إن أعلى مراتب المعرفة ليست العقل أو الإيمان، بل مرتبة جمالية الذوق, وجماليةُ الكشف والتجلي قائمة على ذوق جمالي متَّقد بفعل تشرّبه من المعارف الأزلية.

وبدورها تناولت الدكتورة ميساء علي الشق الفلسفي من المحاضرة وبدأت حديثها مستعرضة مستويات التجلي فقالت: التجلي له مستويات أهمها التجلي الذاتي: فالذات الإلهية لا تتجلى إلا من وراء الحجب  كي تجعل العارف في حالة يقظة.

وكذلك التجلي البرقي وهو الذي يأتي عن طريق ومضات خاطفة على قلب العارف الصوفي بعد أن يكون قد قطع كل رحلة الطريق الصوفي من مقامات وأحوال إلى أن يصل لمقام الفناء ومقام العشق الذي يفنيه عن كل شيء حيث تتلاشى هوية المتصوف في هوية الألوهة.

وقد ركزت د. ميساء في حديثها على  التجلي الوجودي كمثال الجنين في بطن أمه فهو موجود بالقوة ريثما يظهر للعلن وإلى الوجود ويصبح موجوداً بالفعل.

 وتابعت د. ميساء علي قائلة: التجلي هو تجربة يعيشها المتصوف لا تتجاوز بضع ثوان أو دقائق وذلك على حسب معراجه الروحي.

وعن جدلية الألوهة والأنسنة قالت د. ميساء: يركز هذا المحور على تبادل الأدوار  المعرفية بين الألوهة والأنسنة، فالألوهة تريد أن ترى ذاتها متفتحة في مرآة غير مرآتها.

ولذلك أراد وأحب الله أن يرى  صورته فخلق هذا الخلق وخلق الإنسان على صورته، فالإنسان مشروع ليكون إنساناً كاملاً و ليكون ولياً ولكن إذا أصرّ أن يبقى داخل بنيته ولم يتجاوزها فسيقصيه هذا عن مشاهدة الجمال الإلهي.

وتابعت د. ميساء موضحة: الجمال الإلهي يتجلى بأطر كثيرة وحتى العقل يتذوق  المعرفة الإلهية، فالله أحب يُعرَف فخلق الخلق وهذا الخلق جاء عن طريق المحبة.

وأما من جهة الإنسان فهو يريد أن يحاور هذا العلو والتجلي حيث يتجلى له عن طريق معراجه الروحي الذي يفنى في الذات الإلهية.

وأضافت: تظهر الألوهة وتعطي بعضاً من فرادتها وهي متفتحة في هذا الجمال الوجودي والإنساني بينما الصورة من جهة الإنسان هي حجاب في حقه إذا لم يدرك ما وراءها أما إذا أدرك حقيقة هذه الصورة وأنها ماهي إلا صورته حينها سيدرك حقيقة الذات الإلهية من خلال إدراكه لنفسه.

وتابعت د. ميساء: ينتج عن هذا التجلي  ألوهية جديدة بمعنى حياة الإنسان بالمعرفة.

فيدرك الصوفي أن ما كان يعيشه سابقاً ليس إلا الموت فحياة الإنسان ليس في الأكل والشرب بل في عيش هذه الروحانيات والتجارب الوجدانية التي ترتقي بروحه لمصاف الألوهة.

فالإنسان يصبح مشروع إله بروحه وليس بجسده.

واستطردت د. ميساء: هنا تصبح العبارة ضيقة على المتصوف فحين يريد أن يعبر عنها يتهم بالهوس والشطح.

بينما حالته هنا هي حركة إسرار الوجد التي تظهر على شكل تعبيرات أو إيماءات وأحياناً قد تظهر بالرقص المولوي عند جلال الدين الرومي أو قد تظهر في حالات الأدب والنثر والشعر وهذه تجليات جمالية أغنت البشرية وأغنت اللغة بتعابيرها الجديدة و أضفت للغة وللوجود والإنسان كثيراً من الجمالية.

 وختمت د. ميساء قائلة: لا تستطيع اللغة أن تستوعب كل هذه التجليات التي تتجلى في قلب العارف ويصبح قلب العارف هو بيت الله.

والعقل هنا يتنحى، فالعقل يريد أن يستدل على وجود الله من خلال البراهين

بينما دليل قلب الصوفي هو الله الذي به تعرف الأشياء.

ياسمين شعبان

تصفح المزيد..
آخر الأخبار