الوحدة: 10-6-2021
في هذا الزّمن الوبائيِّ، تأكدّت أننّي بطيء الفهم… ضعيف الخيال، ولم يبق لي من المعرفة سوى هيكلها العظميّ.
هكذا كان اكتشافي، حين غنمتُ بتسكُّعٍ عقليٍّ في مكتبةٍ خاصَّةٍ صاحبها تميّز بالترجمة والشّرح، فالرِّواية عنده على سبيل المثال: رصدٌ لحركات وأفعال وأفكار النّاس، تديرها عاداتهم وصفاتهم وأخلاقهم وتجاربهم، وفي النهاية تحمل على عربةٍ لا تعرف التّوقّف.
تستمر الأحداث بتلاحقٍ مدهشٍ حتّى آخر سطرٍ، فلكلِّ جملةٍ عالمها الخاصّ، ولكلِّ كلمةٍ بريقها الذي يوحي بروايةٍ صغيرةٍ داخل الرِّواية الكبرى.
لم يقطع التّسكع إلا صاحب المكتبة، وهو يستعرض عنوان روايةٍ فهمتُ بعدها أنّها لعاشقين تكّلل همهمّا العشقيّ بمشروع زواجٍ ناجح، ثمَّ انتقل لروايةٍ بطلها قهر أمواج بحرٍ بأكمله على متنِ قاربٍ لا يتّسع لنقل بقرةٍ!
كم نحبُّ النّهايات السّعيدة في آدابنا وأجناسها، فحتَّى الشّعر لا بُد له من قافيةٍ على مقاس القصيدة.
أمَّا الواقع فهو ليس كذلك، فالشّعوب التي سبقتنا، ساهم شعرها بالتنقيب عن الحياة بأكملها، فيما نحن لا نزال نتأملُ حروب (عنترة) إرضاءً لعيون (عبلة).
من منَّا لا يذكر أنشودة الشّاعر الألمانيّ (شيلر) التي أدخلها (بيتهوفن) في (سيمفونيته) التاسعة، والّتي أحدثَتْ حالة تنفُس عميقة لكلِّ لغات العالم، وتتحرك مع التنّوع المكانيّ، وتحاكي الأزمنة على الدَّوام؟!
وكأن الشعر والموسيقا هنا مضخّةٌ عالميّةٌ يقوم العالم بتشغيلها كلّما دعت الحاجة.
خرجتُ من مكتبة صديقي، وفي دواخلي رغبةٌ شديدةٌ للعمل بترميم الأفكار المشوّهة، أو المساهمة في تطوير عملٍ أدبيٍّ قصّرت فيه.
سمير عوض