الشركات الإنشائية في المقدمة بلا منافس!

الوحدة : 20-3-2021

رغم كل شيء (ماشي الحال)، لم تفلس أي واحدة منها بعد، المراوحة بالمكان في بحر المنافسة مخالفة للعرف الإداري لكنّها في حقيقة الأمر بقاء في قيد الحياة، خير من الموت السريري، لا تطمح الشركات الإنشائية لتحقيق ربح وحلّ ما تعمل عليه تغطية نفقاتها وتسديد رواتب عمالها بالمختصر المفيد (الحّدية) لا ربح أو خسارة..!

لكل مجتهد نصيب والتحّدي الأكبر الذي يواجه الشركات الإنشائية هو تأمين جبهات العمل مسنودة  بالدعم الذي تحظى به هذه الشركات كونها قطاعاً عاماً، تبدو المشكلة بين بعضها تارة منافسة وعلى اقتطاع حصصها من سوق المقاولات طوراً تعدياً من بعضها على اختصاص بعضها وكانت السجالات سابقاً كبيرة بين واحدة وأخرى، هذا المشروع الشركة الفلانية ومنح للعلّانية، لدرجة أنه في نهاية الألفية الماضية قدمت لجنة وزارية من  دمشق وزعت بنفسها مشاريع المحافظة على الشركات الخمس: (بناء وتعمير، ريما، مشاريع مائية، إنشاءات، طرق وجسور، إسكان عسكري) وحتى اليوم تخصص المشاريع الاستراتيجية للشركات الإنشائية العامة والساحة واسعة للقطاعين العام والخاص، وهذا الأخير لديه من الحنكة والتدبير على اقتسام كعكة السوق مع القطاع العام بل حتى للتغلغل داخله من خلال المتعهدين الثانويين الذين تستعين بهم الشركات الإنشائية لإنجاز نسبة كبيرة من أعمالها إما لعدم توفر الإمكانيات لها مثلاً آليات ومعروف أن معظم آليات القطاع الإنشائي متهالكة أو لنقص خبرة وعدم توفر اختصاصات معينة لدى المتعهد الرئيس (العام) كمعلم حرفة ما، تخفي الإدارات الإنشائية هذه الحقيقة وإن ووجهت تعترف  بها على مضض كحالة استثنائية (اضطررنا للاستعانة بالمتعهدين الثانويين لتسريع العمل أو ما شابه) ولا تقر بأي شكل من الأشكال بارتفاع نسبة استخدام الورش الخاصة  مثلاً للـ 50% فالاستمرار يعني المناورة والتنازل والعمل قدر الإمكان بالإمكان المتوفر، تجيد كل مشاكل العمل الفنية والإدارية جانباً والهاجس الأول فتح جبهة عمل والهاجس الأخير الالتزام بالمدد العقدية، والتأخير بالتنفيذ سمة عامة لجميع الشركات الإنشائية عرفاً، عادةً، التبرير جاهز والمطر أحد أهم أركانه، استلام الموقع وإخلاؤه من العوائق وقلما كان عدم التسديد أو صرف الكشوف سبباً في التأخير إذ لا يتم التعاقد قبل رصد الاعتماد … لكن!

في شركة مثل البناء والتعمير ومثالها فرع اللاذقية كتلة الرواتب والأجور تشكل 22% من إجمالي النفقات أو بما يعادل مليار ليرة سورية من 3 مليارات قيمة أعمال تخطط الشركة لتنفيذها في مشاريع توفق بزيادتها على أرض الواقع إلى 4.7 مليارات، لكن 1141 عاملاً وعاملة لهم الأولوية في تسديد رواتبهم لتأتي النفقات الأخرى في المرتبة الثانية وما أكثرها في مرحلة وصلت فيها هذه الشركة كجزء من مجموع الشركات العام إلى (أرذل) العمر، شيخوخة في الآليات، والعمالة ، وأفول في نجمها، بعد أن ذاع صيت شركاتنا في دول الجوار كالإسكان العسكري للبناء والتعمير، وكما التأخير سمة فإن جودة العمل سمة أيضاً، ما يشفع لها ويبقيها في المقدمة لا ينافسها أحد وهي الرقم الصعب في المهام الصعبة.

وكما لكل سبب نتيجة، بديهي أن تغمد هذه الخسارة في ميزانيات تلك الشركات، لعدم استقرار أسعار المواد والتأخر في تحصيل فروقات أسعار المواد لكنها مؤقتة لحين التحصيل، وبكل الأحوال أهلية محلية أو كما يقال من العب للجيبة، قطاع عام بعام، إعفاء القطاع العام من 15% حسم من فروقات الأسعار يتسبب بخسارة أخرى كبيرة (فرق بين السعرين النقدي والرائج) ولم تسقط أي من الشركات تلك مرّة إلا ورفعت من جديد (مالياً) كانت تسدد الكسور وتصفر الحسابات وتعود العدادات للعمل من جديد بعد تسويات وبلاغات تكون الأمور وصلت فيها إلى عنق الزجاجة وتفاقمت المشاكل حد عدم القدرة على دفع أجور العّمال وكانت مؤسسة الإسكان العسكري المثال الحي.

اليوم يؤمل وينتظر إصدار بلاغ تعويض عن فروق الأسعار وتحديداً الأجور، التي بلغت 300 مليون ليرة سورية فرق رواتب تحمل على الخسائر السنوية لفرع البناء والتعمير في اللاذقية.

منذ آخر بلاغ صدر وهو ليس ببعيد على سبيل المثال، لم يعد الأمر كسابق عهد فروقات الأسعار كانت تحدث بين سنة وآخر الأن بين اليوم والذي يليه وأي تأخير تلعب على وتره الشركات الإنشائية ليس في مصلحتها ثمة ارتفاع عشوائي في أسعار المواد في الأسواق المحلية (قطع تبديل، أطر، مدخرات، زيوت، شحوم) اختلت الموازين وينبغي إعادة حسابات توضع فيها البرامج الزمنية في قائمة الأولويات.

خديجة معلا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار