نسيج اللاذقية .. انحراف في نسب التنفيذ

الوحدة : 19-3-2021

الطريقة التي تقدم بها شركة نسيج اللاذقية نفسها، تعيدنا بالذاكرة غير البعيدة إلى أواخر القرن الماضين عن واقع شركات مشت بنفسها إلى نهايتها البطيئة, قد يستغرق الأمر عقدين, اثنين لكنه آتٍ لا محال.

ليست قراءتنا لكنها البدايات التي تسبق النهايات, الديباجة عينها مع كل شركة يراد (تفليسها) أو تخسيرها كما طاب لاتحادات العمال تسميتها في مطالعات دفاعها عن الشركات التي علقت الحكومة نعوتها مذ أدخلتها العناية المشددة وأطبقت عليها الخناق حتى بات الجميع يتمنى لها موتاً رحيماً!.

حفظنا القصة عن ظهر قلبن ليست نهايتها سعيدة مثل سندريلا ولم تستفق مع فارس أحلامها مثل الأميرة النائمة بل استفاقت على كوابيس الإنتاج والتسويق وعدم تجديد الخطوط!

ملّ منّا القلم ونحن نكتب عن القطاع النسيجي (المتهالك) حتى باتت مقالاتنا جميعها منسوخة من بعضها نستذكر التجارب السابقة في التعامل مع حالات مشابهة لشركات بدأت المشكلة لديها عما هي الآن في شركات الغزل والنسيج، نقف حيارى هل نكتب المزيد أم نقف عند نقطة اللاعودة أم ..؟، فليست الكتابة للكتابة وحدها إنما مفترق الطرق الذي يستدعي الاستدارة إلى الوراء قبل متابعة المسير!.

ليست المشكلة في الصعوبات لكن بكيفية معالجتها وجعلها تتراكم لتكبر ككرة ثلج, لن تعدم الجهات المعنية حلاً لفك عقدها إن أرادت إلى ذلك سبيلاً وهذا يتوقّف على الاستراتيجية القادمة فيما لو كان مكتوباً للقطاع النسيجي الحكومي الاستمرار.

 كثرت النظريات الاقتصادية التي أعملت في التخطيط لنسيج اللاذقية وغيرها، وأهمها وأكثرها التصاقاً بالحلول ما عرف بعقلنة الإنتاج في مواجهة المخازين المتزايدة، يتزامن هذا الشعار ويتناوب مع مقولة الإدارة بالأهداف كتحايل على مشاكل داخلية وخارجية إنتاجية وإدارية وما إيقاف خط الأنوال القديمة إلّا واحد من المنافذ للخروج من مأزق تشغيلي بأقل الخسائر، قرار أرادته الشركة نفسها, فاستجابت  له الجهات المعنية في 25/3/2015، إذعاناً لحقيقة كان الاعتراف بها خيراً ألف مرة من المكابرة على وجع عدم القدرة على تسويق منتج بدائي لا جدوى اقتصادية منه كأكياس المطاحن.

اعتراف مرير بإيقاف خط الأنوال القديمة يشلّ 60% من قدرة الشركة الإنتاجية وجاءت عبثاً محاولات تعويض النقص بإحداث خط إنتاج قماش الجينز بطاقة عشرة آلاف متر طولي مع ملحقاته وغير ذلك من الخطط المستهلكة كإنشاء مصبغة ومطبعة رافقت حلماً ورديّاً لإدارات الشركة المتلاحقة بقيمة مضافة لمنتج يحرق مراحل إنتاج من المادّة الخام إلى سلعة نهائية تصل المستهلك مباشرة، حرق معه أرباحاً افتراضية مضاعفة كانت تطمح الشركة لجنيها عدا عن فوات منفعة الخط القديم وتضيّع المنفعة الافتراضية حتى إشعار آخر من خط الجينز الذي سبقته سمعته والمصبغة والمطبعة الميؤوس منهما.

ولولا خط الأنوال (الحديث) وخطان تحت الكلمة الأخيرة لأنه يعود للـ2001 قلنا لولا هذا الخط لكانت شركة النسيج اليوم على قائمة الشركات التي تسعى الحكومة لتصفيتها فمن بين 58 نولاً بلجيكي الصنع حديثاً تنفس الشركة الصعداء بإنتاج ذي مواصفات عالية الجودة ويوافق متطلبات السوق الداخلية والخارجية حتى عرض قماش 220 سم بالمشط.

ولو أرادت الشركة تلميع نفسها لفعلتها كسواها بتخفيض طموحها في الخطط ليرتفع مستوى التنفيذ ولو صورياً إلى فوق 100%، ومثلما يحدث في التخطيط الأموال لدى معظم الإدارات الأخرى، وما لم تفعل ذلك فإنما تريد أن تشير إلى عمق المشكلة في قطاعها.

ففي العام الفائت تحدثت الخطط عن 4 ملايين متر طولي من الأقمشة القطنية الخاصة وتراجع التنفيذ إلى 66% فقط (3.6ملايين متر طولي)، ومن البديهي أنها رفعت سقف توقعاتها لتمهد لتسويق الأربعة ملايين المخططة كاملة، لكنها لم تنجح في تسويق حتى كامل المنتج الفعلي 3.6 ملايين، ولتنخفض الكمية إلى مليونين ونصف تقريباً بنسبة 59% فقط.

لا نفهم بالإشارة بل بالأرقام, عن عام 2020 إذن هناك مليون و300 ألف متر طولي ملقى في مستودعات الشركة وعندما تشير الأرقام إلى مخزون في الأنوال الحديثة مقداره 4.8 ملايين متر طولي بقيمة حوالي 10ملايين ليرة سورية نفهم تماماً حجم التراكم عن السنوات الماضية!

انحرافاً للتسويق والإنتاج عن هدفهما لهما أسبابها القريبة والبعيدة!

إجراءات كورونا, انقطاعات الكهرباء، عدم توفر الكميات المطلوبة من نمرة (3.2 ممزوج) خلال الربع الثاني من العام، وعدم استقرار اليد العاملة ووجود انحرافات في جودة بعض الغزول الموردة وفق جدول اوستر للغزول عام 2001 المعتمد حسب المواصفات القياسية للغزول ما تسبب بزيادة نسبة تقطعات الخيوط , واستدعى الأمر التواصل بشكل يومي ومستمر مع الشركات الموردة للغزول عند تكرار حدوث هذه المشكلة المثبتة باختبارات رسمية.

أما الأسباب الخارجية، فترجع الشركة انحراف خططها إلى ركود الأسواق ودخول شركات خاصة منافسة لشركة النسيج بالإنتاج نتيجة إعادة إقلاع شركات النسيج الخاصة في محافظات حلب ودمشق وحمص بعد عودة الأمن والاستقرار إلى مناطقها.

وقد تمكنت الشركة من إبرام عقد بكمية مليون متر طولي علماً أنه ضمن مخزون آخر المدّة يوجد 835 ألف م. ط، ومع هذا يبقى حجم الطلب على الغزول في السوق المحلية أقل بكثير من المعروض، بديهي أن يكون الحل بزيادة البيع الخارجي، لولا معوّقة ارتفاع أسعار الأقطان التي ظهرت مؤخراً وأدت إلى زيادة كلفة المنتج وبالتالي عدم إمكانية البيع الخارجي.

وكما توقعنا الشركة تعيش مرحلتها الحرجة وتطلق في كل يوم نداء استغاثة: آلات الغزل وضعها الفني سيء، قديمة ولا يتوفر لها قطع تبديل بسبب إغلاق الشركة المصنعة.

الضاغط المركزي الرئيسي متوقف عن العمل أخرج معه نصف الآلات بدورها عن العمل لنقص الهواء المضغوط.

60% من طاقة الشركة مشلولة، نصف آلاتها خارج تراكم مخازين، صعوبات تسويق خارجية بسبب المعوقات المفروضة على المصارف في سورية، نوعية أقطان رديئة أحياناً وارتفاعات في التكلفة.

حتى وضع الـ 640 عاملاً وعاملة على ملاك الشركة وضعهم غير مستقر، هم موزعون على 81 بالإدارة 102 بالخدمات الإدارية، 290 بالإنتاجية، 131 بالأقسام الفنية المساعدة، ليس فيهم أكثر من 27 مهندس ميكانيك و7 غزل ونسيج واثنين كيمياء و3 كهرباء مدني ومهندس زراعي واحد بما مجموعه 41، مقابل ذلك هناك 41 من حملة المعاهد و117 ثانويات بأشكالها و41 ما دون الإعدادية، تقوم اللجنة النقابية مع إدارة الشركة والمسؤولين عن الأمن الصناعي فيها بتوزيع واقيات سمع وكمامات لمنع  الزغبار مع اعتماد لوحات ومؤشرات دلالة لنوعية العمال بأخذ العمال مزايا اللباس العمالي والوجبة الغذائية الوقائية ولهم مطلب الموافقة على احتساب كامل التعويضات المرتبطة بالأجر على أساس الراتب الحالي بدلاً من راتب 2012، مع العلم أن راتب التعويضات والإضافة لم يشمل بالزيادة التي جرت على الراتب المقطوع منذ عام 2013 وهم يأملون رفع تعرفة الحوافز الإنتاجية، تثبيت العاملين بالعقود السنوية والمياومين ممن تجاوز فترة الاختيار وثبت التزامه بالعمل، فتح سقف تعويض نهاية الخدمة الخاص بالنقابة مما يوازي سقف الراتب الحالي وإعادة الاختصاص لذوي المعاهد المخصصة وفتح الوجبة الغذائية لكافة العمال في الشركة، وكانت الكتلة المخصصة للطباعة عام 2020 (25) مليوناً.

وهناك 18 طلباً عمالياً تتركز حول الحوافز وتعويض الاختصاص وتعويض نهاية الخدمة وطبيعة العمل وزيادة الأجور, وبخصوص العمالة… لا بد من:

– الحصول على الموافقات اللازمة لنقل العمالة المريضة خارج الشركة واستبدالها بعمالة جديدة من الشباب.

– استكمال خطة اليد العاملة لترميم النقص فيها.

– ربط الحوافز بالإنتاج بشكل مباشر.

– العمل على إصدار نظام داخلي للشركة.

تثبيت العمال الذين مضى عليهم أكثر من سنتين.

-إعادة صياغة القوانين وتعديل المعرقل منها.

– الإسراع في إنجاز إجراءات المسابقة المعلن عنها من مثل وزارة الصناعة والمتوقفة في وزارة التنمية الإدارية.

خديجة معلا

تصفح المزيد..
آخر الأخبار