أرض الأنبياء

الوحدة 11-2-2021

حين تتحول الأوطان إلى طيور معتقلة، والكون من حولها إلى بنادق للصيد، يصير الوقوع في شباك الموت احتمالاً واقعاً في كل لحظة، سيما وأن البنادق لا تتعب من القتل، ولا الأوطان تستطيع أن تخرج من جلدها أو تغيّر لون عينيها، أو تسريحة شعرها، لأن الأوطان هي التراب الذي منه خُلِقنا ونشأنا وترعرعنا وكبرنا وإليه نعود، هي الهواء الذي نتنفسه والماء الذي نشربه، هي الدروب التي تأخذنا إلى البحيرات التي تتعرى كل صباح كي تستحم في حمأة الوقت، هي المساءات التي تدعونا كل مساء لشرب فنجان قهوة، أو على شرفات المساء، هي الوعاء الذي يختزن ذاكرتنا وأحلامنا وأمانينا في أداء رسالتنا التي من أجلها خُلِقنا، لذلك استحق الوطن منا أن نبذل في سبيل بقائه الغالي والنفيس، أن نقدّم أرواحنا ودماءنا رخيصة على مذبح بقائه وحياته ورفعته وازدهاره وروعته، ولا غرابة في ذلك فلا كرامة لفرد خارج كرامة وطنه، ولا قيمة أو معنىً لشخص إلا في إطار مجتمعه وبيئته وثقافته وكينونته، فكيف إذا كان هذا الوطن وطننا الضارب عميقاً في التاريخ والحضارة والإنسانية التي بلغ إشعاعها المدى وطال بريقها المجرات البعيدة، سوريا مهد الإنسانية الأولى، سوريا أرض الأنبياء، أم الرسالات ..

مطبخ الحضارات، لذلك كانت عبر التاريخ هدفاً لكل الطامعين، ومازالت وما الحرب الكبرى التي تعرضت لها، وما زالت تنهش بلحمها إلا عقاباً لها لدورها الإنساني والحضاري والعروبي الذي لا يروق لأعداء الأمة، لكن التاريخ يعلمنا دائماً أن الانتصار لا بد من أن يكون حليف الشعوب المؤمنة بعدالة قضيتها المستعدة لتقديم الأبناء والأرواح، وكل شيء في سبيل نصرتها وعزتها، وعلى هذا نحن ماضون ..

ومنتصرون..!

دكتور رفيف هلال

تصفح المزيد..
آخر الأخبار