الوحدة: 25- 1- 2021
فنان تحكمه جملة من المعايير أبرزها الحس الإنساني, يهتم بالتفاصيل الصغيرة, حريص على التعامل مع السطح الأبيض ليس كمادة خام صماء, وإنما كصديق يبث لواعجه وهواجسه وأحلامه، تميز وبرع في رسم البورتريه, ومن زار معارضه ترسخت تعابير الوجوه المرسومة في ذاكرته, وتركت انطباعاً لديه، إنه الفنان رامي توفيق جحجاح من طرطوس المشارك في الكثير من المعارض الفنية سواء بلوحاته, أو بأعماله النحتية مستخدماً الصلصال لتشكيل الوجوه والأجسام.
(الوحدة) التقت الفنان رامي, وحول تجربته الفنية كان حوارنا الآتي…
– أعمال البورتريه هل تجد نفسك فيها, أم أنها وليدة الحالة التعبيرية؟
نعم أجد نفسي في أعمال البورتريه, وأحس أن كل وجه من الوجوه هو وليد لمجموعة من المشاعر والأحاسيس الصامته, وتعابير الوجه المرسوم تظهر حالة الشخص ومزاجه.
– متى ترسم؟ وما الذي يحثك على الرسم؟
هناك أوقات محددة أرغب فيها بالرسم كوقت المساء تحديداً, وأنا محاط بعائلتي حيث أشعر بطاقة فنية كامنه, ورغبة ملحة في الرسم, وهدوء الليل وسكونه يحفزانني على العطاء الفني, وعلى محاكاة تعابير الوجوه سواء في الرسم أو النحت.
– كيف تتعامل مع اللوحة؟
أتعامل مع اللوحة بكل عناية وتقنية, وكل تفصيل فيها أمنحه ما يستحق من الدقة والعمل.
اللوحة بالنسبة لي صديق أبوح له ما أشعر به, وما أفكر به أيضاً، فسطح اللوحة ليس جامداً بالنسبة لي.
– تتناول المواضيع بكثير من الواقعية, ماذا عن الموضوع وأهميته؟
الفنان وليد الواقع الذي يعيشه، فلا يمكن أن يفصل فنه عن واقعه، لذلك تأثرت لوحاتي بالظروف التي تمر بها بلادي الحبيبة, وما ولدته من حزن وبؤس، فانعكست تبعات الحرب على بلادي على الوجوه والمواضيع المرسومة.
– نلاحظ من خلال لوحاتك حضوراً قوياً للوجوه الإنسانية بحالاتها المختلفة, فما هو السبب؟
الوجه دائماً هو مرآة الجسم الإنساني, وهو المعبر الأفضل عن حالته الصحية والنفسية، لذلك نلاحظ في كل وجه ما ينطق عن وضعه ومشاعره، تشدني الوجوه بمختلف حالاتها وتعابيرها وسنواتها، تشدني لدرجة أرسم مباشرة ما يكونه هذا الوجه من انطباع لدي.
– أي الوجوه تشدك أكثر للرسم؟
تشدني تلك الوجوه المسنة التي تحمل كل انحناءة فيها قصة تجارب الإنسان وخبرته الحياتية، تلك البراءة الطفولية في عيني كبار السن, تلك البسمة الخجولة لأفواههم التي فقدت أسنانهم, وجباههم المليئة بتجاعيد تحكي قصة ومراحل عمرهم الماضي.
– تحرص على التفصيلات في لوحاتك, لماذا هذا الاهتمام؟
من وجهة نظري لا بد من الاعتناء بكل التفصيلات مهما كانت بسيطة وصغيرة, لأنها تمنح اللوحة الفنية حالتها التعبيرية المثالية, وبدون هذه التفاصيل تفقد اللوحة الكثير من وظيفتها الفنية, وغايتها المنشودة, وقربها من المتلقي والمشاهد للعمل الفني.
– كيف توظف الإضاءة في لوحاتك؟
موضوع الإضاءة موضوع مهم في اللوحة الفنية, ومن الضروري الاهتمام به، وأنا أوظف الإضاءة في لوحاتي من خلال إظهار الأبعاد الثلاثة للوجه الإنساني, والتي تمنحه واقعية ودقة وجمالية، كذلك أهتم بموضوع التظليل فهذا يعطي مصداقية أكثر في الرؤية سواء للموضوع, أو للفنان ذاته, أو للمتلقي على حد سواء.
– تمزج الألوان الحارة مع الباردة في تلوينك الزيتي, ماذا تخبرنا بهذا الخصوص؟
أعتمد المزج بين الألوان الحارة والألوان الباردة في الرسم حين أستخدم الألوان الزيتية حيث تدخل عالم الألوان فتتفجر الطاقات لوحات منوعة، والألوان الحارة تشعرنا بالدفء والحرارة أثناء النظر إليها كما تستخدم لإظهار البهجة أو الغضب, بينما نرى الألوان الباردة في تصوير الطبيعة والماء والنباتات، من جهة أخرى أعطت الألوان الزيتية نمطاً خاصاً للوحات البورتريه, ولمناطق النور والظل مما زاد حدة التفاصيل وبروزها ليمنح الواقعية والجمالية لها، فكل ضوء له مصدر وزاوية, وعلى الفنان تتبع ذلك المصدر, وقياس تلك الزاوية بشفافية ودقة.
– كيف ترى العلاقة بين اللوحة الفنية والمتلقي؟
العلاقة وثيقة جداً بين اللوحة الفنية والمتلقي, وهي ليست ذات قيمة إن لم يتمكن المتلقي من الشعور بها, وفهم تفاصيلها دون شرح أو تعليق عليها, لأن الهدف الأساسي بالنسبة للفنان أن يكون على تواصل مع المتلقي, وأن تترك أعماله الفنية بصمة لديهم, وتستحوذ على إعجاب الآخرين.
– كلمة أخيرة للفنان رامي جحجاح
أحب الفن كثيراً, وبدأت في الرسم بسن مبكرة, عندي أعمال نحتية لكنني أميل للرسم أكثر, شاركت بمعارض كثيرة، وأنا في مرحلة التحضير لمعرض جديد، كل الشكر والتقدير لصحيفة الوحدة على ما تقدمه في مختلف المجالات من فائدة وتنوير ومتعة من جهة, وعلى حرصها على تسليط الضوء على الأنشطة المقامة, وعلى اهتمامها بمختلف الجوانب الفنية والأدبية والرياضية و الاجتماعية و.. من جهة أخرى. وأتمنى للقائمين عليها مزيداً من النجاح والتوفيق.
رفيدة يونس أحمد