دور المدرسة والأسرة في تنشئة الجيل الجديد

الوحدة: 24-1-2021

 

 

 

أقام المركز الثقافي العربي في قرية بكراما محاضرة تربوية بعنوان (دور المدرسة والأسرة في تنشئة الجيل) الجديد ألقاها السيد عبد اللطيف ونوس بدأها بالإشارة إلى أن المدرسة هي الوسيلة التي صنعها المجتمع إلى جانب الأسرة لنقل الحضارة ونشر الثقافة وتوجيه الأبناء الوجهة الاجتماعية الصحيحة لكي يكتسبوا من العادات الفكرية والعاطفية والاجتماعية التي لا تساعدهم فحسب على التكيف الصحيح في المجتمع بل كذلك على التقدم بهذا المجتمع، فالمدرسة والأسرة هما المؤسستان التي اصطنعهما المجتمع  للإشراف على العملية الاجتماعية ولهذا هما الوسيلتان التي من خلالهما يمرر الإنسان لأجيال المستقبل تجربته الماضية ثم مخططاته ومشروعاته المستقبلية والتي تدخل ضمن ما يسمى البرامج التربوية بشكل صحي كما في الأسرة أو بشكل مهيكل ومنظم كما هو في المدرسة، لكن استقلال المؤسستين واختلاف طبيعتهما على مستوى التركيبة والإمكانات جعلهما في نظر الكثيرين تختلفان ولا تتعاونان بشكل مستمر لتحقيق الهدف الفعلي لكل واحدة منهما والذي هو بالأصل هدف مشترك، فالأسرة والمدرسة تعتبران المؤسستين التربويتين الأكثر أهمية من بقية المؤسسات الأخرى نظرا لدورهما الفعال في العمل الهادف والمنظم تبعا لأهداف المجتمع وفلسفته ككل، وتساءل: إذاً، ما هو الدور وهل يمكن أن تكون هناك تربية صحيحة بدون مدارس؟ وما هو دور الأسرة وما علاقة المدرسة بالأسرة وكيف تساهم الأسرة والمدرسة في تنمية المجتمع وفي التنشئة الاجتماعية للأفراد؟ ثم بدأ بالإجابة عن الأسئلة موضحاً مفهوم المدرسة الذي تطور من المكان الذي يتم فيه التعلم لتصبح المؤسسة الاجتماعية التي توكل لها مهمة التربية الحسية والفكرية والأخلاقية  للأطفال والمراهقين في شكل يطابق متطلبات الزمان والمكان، لتصبح لاحقاً تلك المؤسسة العمومية التي يعهد لها  دور التنشئة الاجتماعية للأفراد وفق منهاج وبرنامج يحددهما المجتمع حسب فلسفته وتخضع لضوابط محددة  تهدف من خلالها الى تنظيم فاعلية العنصر البشري، ثم ذكر وظائف المدرسة المتعددة والمتشعبة  فمنها ما هو تربوي وتعليمي ثم إداري واجتماعي وأمني أو تكويني وإيديولوجي، وإرشادي وتوجيهي، ثقافي وإشعاعي، تواصلي واقتصادي…

كما وتتجلى مهمة المدرسة في التأثير على سلوك الأفراد تأثيراً منظماً أو تنصب وظيفتها على سلوك الناشئة بحيث يقاس مدى تحقيقها لوظائفها بمدى التغيير الذي تنجح في تحقيقه في سلوك أبنائها كما وأشار إلى أنه من أبرز الأدوار التي يجب على المدرسة أن تقوم بها سعياً لتحقيق أهدافها كمؤسسة تربوية واجتماعية نقل التراث الثقافي والتبسيط بالإضافة إلى الانتقاد والاختبار والاقتصاد الثقافي والتماسك الاجتماعي وتذويب الفوارق بين الطبقات وتنمية أنماط اجتماعية جديدة وتنمية الإطار القومي، كما وشرح المحاضر أيضاً مفهوم الأسرة ووظائفها حيث هي المدرسة الأولى التي يتعلم بها الطفل لغة أمه والمشي وبعض الأخلاق والقيم، وهي التي تمنحه الهوية والأمن والأمان والحنان وهي المسؤول الأول والأخير عن نجاح تنشئته، الأسرة من تقوم بوظيفة الأمن لأفراد ها ووظيفة التضامن فيما بينهم ووظيفة التكوين والتنشئة الاجتماعية وبالتالي فهي مؤسسة شمولية تؤدي مختلف الأدوار إلا أن تلك الأدوار تقلصت فيها هذه الوظائف ومعها مسؤوليات الأسرة فتحولت بذلك من مركز دائرة التربية إلى طرف مشارك في العمل التربوي، وبسبب هذا الانتقال في الدور جعل الأسرة تفقد توازنها وصدارتها الاجتماعية مما فرض عليها أن تعيد النظر في علاقاتها مع مختلف الأطراف المشاركة معها من مدرسة وشارع ووسائل الإعلام.

وأضاف: إذا كان الدور الاجتماعي لكل من المدرسة والأسرة يتجلى في التنشئة الاجتماعية للأفراد عن طريق التربية فإن علاقتهما يجب أن تنطلق من هذا المنظور الأساسي، وعلاقة الأسرة بالمدرسة لا يجب أن تبقى علاقة سطحية، فالأسرة هي التي تزود المدرسة بالمادة الأولية أي التلميذ وبالتالي فإن عملية الإنتاج كلها على عاتق المدرسة، يجب أن تكون العلاقة شاملة لأنهما شريكان في عملية الإنتاج وفي التوزيع وفي الرأسمال وبالتالي شريكان في الربح والخسارة، مؤكداً أن تربية المدرسة هي امتداد لتربية الطفل في المنزل ولا يمكن للمدرسة أن تستمر في عملها التربوي ما لم يتعاون معها الآباء عن طريق إمدادها بالمعلومات المختلفة عن مميزات الطفل وحاجاته وبواسطة عمل الأسرة والمدرسة معا يمكن ضمان تنمية المجتمع بفضل تلك المكتسبات التي تم غرسها في الفرد، فكل إصلاح تربوي وجب عليه أن ينطلق من هاتين المؤسستين الاجتماعيتين وبشكل مواز للتطور والتغيير الذي يقع على عاتق المجتمع  ولكونهما من سيضمن لنا تنمية بشرية مستدامة.

وأشار إلى أن علاقة المدرسة بالأسرة يجب أن ترتكز على مبادئ التواصل والتفاعل المتبادلين، والشراكة الفعالة، مع تسخير كل الإمكانيات والوسائل والسبل الكفيلة لتفعيل هذه العلاقة على مستوى التطبيق والممارسة، وتبقى  المدرسة هي التي يجب عليها أن تخطو الخطوة الأولى نحو هذا الانفتاح وعليها أن تعمل جاهدة على جعل الأسرة تلتحق بها وتشاركها هموم عملها، كما يجب عليها  أن تنفتح أيضاً على باقي مكونات المحيط وذلك بتفعيل جميع الإجراءات التشريعية والقانونية التي تمكنها من تحقيق هذا الانفتاح، وهنا يجب أن يكون للتربية دور في مجال الشراكة والتمويل، وكذلك في مختلف المجالس التي تحدثها المؤسسة الذي يشارك فيه ممثل مجالس الجماعات، ثم رئيس جمعية أولياء التلاميذ إلى باقي المجالس الأخرى التعليمي والتربوي.

سناء ديب

تصفح المزيد..
آخر الأخبار